منتقبة لا منقبة! - أحمد علي سليمان

حَشيمة وَضيئة مُنتقبة
فلا تقولوا: هذه مُنقّبة

تسيرُ في طريقها بين الورى
تقية عفيفة مرَتبة

لمّا تقلْ: وحدي ، وعصري فتنة
لمّا تقلْ: من حِشمتي أنا متعبة

جلبابُها من فتنةٍ يسترها
من كل عين باللظى ملتهبة

وللخمار دورُه في حَجْبها
كي لا تكون – للغواة - مأدبة

وكل كفٍ زانه قفازهُ
لأنها حَيية مُؤدبة

ويسترُ النقابُ حُسنَ وجهها
فما زها لناظر ليَجذبه

شتان بين حُرمةٍ قد أسفرتْ
وحُرمةٍ – يا قومنا – منتقبة

وصَلاتها أدتْ ، وبعدُ زكاتها
إن حالَ حولٌ معْ بلوغ الأنصبة

بمقاصد الشرع الحنيف تزينتْ
ولكل حُكم - في الهُدى - مستوعبة

لله دَر غادةٍ تحشمتْ
في لبسها لأهلها مُحَببة

هي الملاكُ سِرُها وجُهرُها
ولم تعشْ لله يوماً مُغضبة

كانت لها – مع النقاب - دُربة
تجاوزتْها ، ثم خاضت تجربة

فحققتْ نجاحَها بجُهدها
وأثمرتْ كالسُحْب تغدو صَيّبة

إن اللباس رَهبة أعارَها
في شارع مُفرنج ، ما أغربَه

يَعمّه تناقضٌ مُستبشعٌ
وبات يُغري – بالنساء - أكلبَه

ونال من بناتنا بلا حيا
وضوءَه الأخضرَ أعطى أذؤبَه

من كل مرذول تدنى شأنه
يُغازل النساءَ ، تلك موهبة

في جُرأةٍ طالت عقائل النسا
والليلُ أهدى - للخزايا - غيهبَه

ودونه سوافرٌ لم تحتشمْ
وقدوة لبعضهن المطربة

كشفن حُسناً لا يساوي نظرة
وخلفهن مِن شباب كوكبة

كلٌ يُغذي عينه مستعذباً
حيثُ اصطيادُ الغِيد أمسى مَنقبة

أصبحن كالإماء عند ساقطٍ
والقيدُ في يدّ ليلى أو هبة

والعُريُ بات طابعاً مستمرَأ
كما الحَمام بات بين أغربة

وساد - من بين النسا - تبرجٌ
مُروّجٌ ، به النفوسُ مُعجبة

بالعُري أردانا العِدا وجنودُهم
والقدسُ ضاعت ، يوم ضاعت قرطبة

وزينة النساء مَن ينكرُها؟
فغيرة الفتى هنا مستغربة

ذاتَ النقاب ، أفصحي وأعلني
فأنتِ حُزتِ في الصيان مَرتبة

ستُنصَرين إن جهرتِ بالهُدى
وإن سكتِّ كنتِ حقاً مُذنبة

قولي لهم: أنا النقابُ مذهبي
وكل حُر يَستطيبُ مذهبه

قولي لهم: أنا النقابُ عُدتي
ولستُ في جَهري به بالمُعتِبة

إن النقاب شِرعة مفروضة
نفسي بها حقيقة مُشرّبة

أراهُ في دنيا التدني جُنتي
ولستُ في لبسي له مرتعبة

هو الأمانُ للنسا في عالم
لفقده كنا أقمنا مندبة

هو الصِيانة التي تعصمُنا
مِن الوحوش في قِفار مُجدِبة

هو الحياة إن ممات عمّنا
ونِعمة للأنفس المُعذبة

كالغيث أحيا أرضنا من مِيتةٍ
حتى غدت من بعده مُعْشَوشَبة

فهل صحاري ما بها مِن عُشبة
مثل الصحاري في الضواحي مُعشِبة؟

هو النجاة للنسا في غابةٍ
فيها أوابدٌ تُعاني مَسغبة

وسوف أحيا كل عمري هكذا
مسلمة مؤمنة مُنتقبة

مناسبة القصيدة

(كثيرون هؤلاء الذين يصفون ذات النقاب بالمُنقّبة! وهذا خطأ لغوي وشرعي فاحشٌ فاجر! لأن (مُنقّبة) تعني مَخرومة مَثقوبة! وإنما الصواب أن نقول: (منْتقِبة) أي تستر وجهها! وذلك اتباعاً لهدي القرآن والسنة لوجوب ستر المرأة المسلمة المؤمنة الموحدة لوجهها وكفيها عن الأجانب من غير محارمها! وهذه القصيدة المؤلفة من أربعين بيتاً تُصحح ذلك المفهوم! ولأنني من غير أهل العلم الشرعي ولا من المتخصصين فيه من قريب ولا بعيد ، ولا أحسب على أهله ولو بالادعاء ، فإنني أعوّل على أصحاب الفضيلة وأهل العلم الموثوق بكلامهم! لقد ناقش أدلة أرباب السفور وأدلة أرباب الحجاب علماء محققون مدققون كثيرون ، فلتتحر كل أخت مسلمة مؤمنة الدليل ، ولا تركن إلى زيد أو عمر! بل تتحرى الأدلة الصحيحة المحققة الموثقة القوية! فإذا فعلت ستدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن أدلة تغطية الوجه هي الأقوى وهي الأوثق!)
© 2024 - موقع الشعر