منتقبة لها دورها! - أحمد علي سليمان

فاجأتنا بالنصح – للخير - يَهدي
والنصوحُ – بالصدق والبذل - تُجدي

أصلحتْ - بين الناس - سِراً وجهراً
حيثُ حازتْ رُوحَ المَضا والتحدي

أمرتْ بالمعروف ، لم تألُ جُهداً
كل معروفٍ يستمي بالجهد

لم تقلْ: وحدي والبلاءاتُ شتى
ما اجتهادي؟ وما جِلادي وجدي؟

لم تقل: ما ينتابُني اليوم يَكفي
إن ظلمي - للنفس والروح - يُردي

لم تقلْ: أنثى في الحياة تُعاني
والحياة تُهدي لها كل سُهد

لم تقل: لا ألقى ظهيراً وفياً
يحتفي بي فيما أقاسيه وحدي

وحدها عزتْ ، حين ذل رجالٌ
واستقامتْ بكل وعي ورُشْد

وحدها قامت - في الجموع - تُنادي
أنْ أفيقوا - للحق - يا أهل وُدي

وحدها بالبشرى تروحُ وتغدو
في فئام لم تدْر غيرَ التردّي

وحدها بالذكرى تُوَعّي فئاماً
كم طوتْها رُوحُ العَدا والعِند

وحدها تنهاهم كمُنذر جيش
كي تُزيل من بينهم كل حِقد

وحدها أسْدتْ نصحَها لأبيها
باحترام - يرعى الحقوق - ووُد

وحدها ساقتْ وَعظها لزميل
في حُدود الرحمن أزجى التعدي

وحدها غضتْ صوتها ، وأشارتْ
أن تخطى الغِناءَ يا عم وجدي

بين كل الركاب وصّتْ ووفتْ
ما استكانتْ لِمَا ترى من حَيد

فاستمى (المكروباصُ) سَمتاً وهَدياً
عندما أجدى النصحُ بعضَ الفيد

وحدها قالت للذي سب ديناً
يا فتى استغفرْ من مُروق وجَحد

إن سب الإسلام كفرٌ ، فأسلمْ
فإذا دمعُ الطفل فوق الخد

وحدها قالت: بيتُ شِعر صحيحٌ
أنتما لمّا تفهما أي قصد

رغم أن السقوط للوبش سمتٌ
شاعر خِبٌ ، ما له أي مجد

وحدها ردتْ كيد أعتى قريب
إنه زوج الخالة المتعدي

والرجالُ تاهوا ، وخارتْ قواهم
ما استطاعوا صداً لأشرس كيد

فاستعانت بالله ، ثم ارتجتْهُ
أن يُعيدَ الحسابَ دون تصدي

فاستجابَ للأمر ، وانصاعَ طوعاً
ثم أهدى للزوج باقة ورد

وحدها قالت للبُنيات هيا
للدروس ، في باحة البيت عِندي

ندفعُ الجهلَ ، إنما الجهلُ عارٌ
ندرسُ العلمَ باجتهادٍ ورُشد

وحدها جادتْ كي تُعين يتيماً
أمه رادتْ مَن لها المالَ يُسْدي

وحدها فضتْ حربَ نسوان حي
بعد أخذٍ – بين النساء - ورَد

فاستحالَ الخِلافُ أزكى سلام
مثلَ ضد يصير يوماً لضِد

وحدها قالت للزميلة: كُفي
واستقيمي من أجل زوج ووُلد

لا تكوني عوناً لشيطان زوج
إن هذا يُحيلُ شهماً لوغد

لا تقولي: الطلاقُ حلُ القضايا
لا تقولي: التفريقُ يكسرُ قيدي

احفظي البيت من ضياع أكيدٍ
ثم رُدي سيفَ التلاحي لغِمد

وحدها أهلُ الحي قد رشحوها
مثلَ (بلقيسٍ) فوق شعب وجُند

بايعوها للأمر والنهي فيهم
ثم للفصل بين هزل وجد

أيدوها حتى تقودَ وتقضي
فاغتدى العيشُ بين فرح وسعد

رب باركْ فيها ، وسددْ خطاها
من سندعو سوى المُعيد المُبدي؟

مناسبة القصيدة

(كثير من الأخوات المسلمات المؤمنات الموحدات المحتشمات المنتقبات لا يتفاعلن مع قضايا المجتمع للأسف! وكأنهن يعشن في عالم آخر. فلا يتدخلن في شأن من الشؤون ، ولا يُبادرن إلى حل مشكلة من المشاكل ، ولا يطرحن آراء من شأنها التخفيف من آلام ذويهن أو غيرهم. فقط اعتنت الواحدة منهن بنفسها وبما يخصها من أمور وبما يعنيها من شؤون! فهل هذا قصورٌ في فهم الإسلام؟ أم أن النقاب مانعٌ دون التفاعل ومدّ يد العون والإيجابية في المساهمة في تخفيف المعاناة عن أفراد ذلك المجتمع من المسلمين؟ إن الآيات والأحاديث - في الحض على التعاون على البر والتقوى وبذل المعروف والصدقة ، والاختلاط بالناس والصبر على أذاهم – كثيرة ومتعددة! ولستُ بصدد إيراد شيءٍ منها الآن! وهنا سؤال: هل يعني هذا أنني أريد انفتاح الأخوات المؤمنات الحشيمات ، على كل من هب ودب من الصالحين والطالحين؟ لا ورب الكعبة! وحاش لله أن أبيح عِرض أختٍ مسلمةٍ لصالح من الناس فضلاً عن سواه من الطالحين! ولكنني أدعو إلى التفاعل بإيجابيةٍ من جانب الأخت المسلمة المحتشمة المنتقبة مع عائلتها بصفةٍ خاصة ، ومع مجتمعها بصفةٍ عامة ، بحدود وأخلاقيات الإسلام! لستُ أعني مطلقاً الانفتاح الجاهلي والابتذال والركاكة والميوعة والترهل ، حاش لله! إنما أعني الروح التي كانت عند الصحابيات الأوليات الفضليات في المشاركة في حركة الإسلام في الأرض من دعوةٍ وجهادٍ وأمر بمعروفٍ ونهي عن منكر! عموماً يكفي هذا القدر في التعريف بدور المسلمة الحشيمة المنتقبة! وربما في حديثنا عن منتقبة قصيدتنا ما يُغنيني والقراء عن الإفصاح والتبيين والتوضيح! إن منتقبة قصيدتنا من نوع فريدٍ عجيب غريب ، له حكم النادر الذي هو إلى العدم أقرب منه إلى الوجود! حيث إنها منتقبة من نوع فريد ، فلها شخصيتها المسلمة المتميزة المتفردة ، حيث لم يمنعها نقابُها يوماً من بذل النصيحة ولا قول كلمة الحق ، ولا الأخذ على أيدي العُصاة والمذنبين من حولها ، ولا التدخل في شؤون قريب معتدٍ ولا بعيد متجاوز ولا جار متعدٍ ولا زميل مجاهر بمعصية ، ولا أب يخالف عن كتاب الله وسنة رسوله! وكأني بها تتمثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) ، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: (من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه)!
© 2024 - موقع الشعر