الأعمال بالخواتيم 3 - تموت وهي ترقص - أحمد علي سليمان

خبرُ الفضيحة طارَ في الآفاقِ
بحقائق خرجتْ من الأشداقِ

أن العروس على المَلا رقصتْ بلا
تقوى ولا خوفٍ من الخلاق

والكل صوّرَ رقصَها وسُقوطها
دون التزام مكارم الأخلاق

في مَشهدٍ يُزري بها وبأهلها
وبطيّب الأعراف والأعراق

لمّا تُشَرّفْ بالتردِّي قومَها
قادَ التردي القومَ للإخفاق

لم يرفعوا رأساً بفعل فتاتهم
بل أطرقوا من شدة الإزهاق

خجلوا ، وفي إحراجهم غرقوا ، ولم
يتحمّلوا مَرثية الإغراق

هذي العروسُ تسببتْ في حرقهم
أيعود مجدٌ ضاع بالإحراق

أبئسْ بخاتمةٍ عذابٌ ذِكْرُها
والخُبْرُ طارَ بشاطن الآفاق

وقد استحقتْ أن تكون مَعرّة
واشؤمَ ما حازتْ من استحقاق

أوَما كفاها من مَعاص جَمّةٍ
في العُرس ما شُهدتْ على الإطلاق؟

زمْرٌ وطبْلٌ ، واختلاط مُقرفٌ
وحقيرُ تقبيل ، وطولُ عِناق

وإذا بمكياج الصبايا فتنة
تسبي عيونَ المُغرم المشتاق

وإذا بأزياءٍ على مُوضاتها
وإذا بأثواب لنصف الساق

هانت - على الأهلين - أعراضُ النسا
وغدا الجمالُ يُلاكُ بالأحداق

وحَلتْ لناظرها لحومٌ كُشّفتْ
أكلتْ بأعين جَوقةٍ ورفاق

وترنحَ الإسفافُ ، راجتْ سُوقهُ
والهزلُ هاجَ بمَوجهِ الدفاق

والحفلُ أشعلتِ الكِعابُ سعيرَهُ
والرقصُ كان مُقدّماً لصداق

هل كان إلا مَطلعاً لقصيدةٍ
ليُثيرَ شهوة أحقر الفسَاق؟

والموتُ خط نهاية لعروسهم
ما بعد هذا العُرس أي تلاقي

هم شَرّقوا درباً ، وهذي غرّبتْ
دربان بينهما عظيمُ طِباق

والكل فان طالَ أو قصُرَ المدى
والحُكمُ حُكمُ مُقسّم الأرزاق

وخواتمُ الأعمال مَرهونٌ بها
أصحابُها ، وهي الرصيدُ الباقي

فالطفْ بنا يا رب إن حَلّ القضا
يوماً ، وجاءتْ تقدماتُ فِراق

واحتارَ أهلُ الطب في تطبيبهم
والبعضُ يسأل أين أين الراقي؟

رباهُ لطفك إن أتانا موتُنا
وجُسومُنا حُمِلتْ على الأعناق

مناسبة القصيدة

الأعمال بالخواتيم 3 - عروس تموت وهي ترقص (يستحيي أهلها أن يكتبوا اسمها في كروت الدعوة! بينما لا يستحيون من رقصها أمام المعازيم! فباغتها الموت فماتت وهي ترقص ، وتُبعث إن شاء الله تعالى على ما ماتت عليه! هكذا قتامُ المعصية: خِزي الدنيا وعذابُ الآخرة! ناهيك عن الصيت السييء! وفي الحديث "إنما الأعمال بالخواتيم"؟ ففي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة ، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار ، الأعمال بالخواتيم). وفي رواية للإمام أحمد في المسند صححها الأرناؤوط: (وإنما الأعمال بالخواتيم). ومن هنا كتبتُ هذه القصيدة بعد استشراء عادةٍ قبيحة في الأعراس الجاهلية المعاصرة تعتبر هي الأقبح من نوعها ألا وهي رقص العروسين أو أحدهما في العرس أمام الناس ، والكاميرات والهواتف الذكية تصور وتنقل هنا وهناك! فعروسُ قصيدتنا غيرُ الموفقة كانت من هذا النوع! فقبضها الله وهي ترقص! وتُبعث بنص الحديث على ما ماتت عليه! نسأل الله العافية والسلامة! إن رقص العروس في يوم عرسها لم يأت من تقصير يوم وليلةٍ ، ولا من تفريط وإفراط عشيةٍ وضحاها ، بل هناك سنون مرت في لجج المعاصي ، ومنحدرات الموبقات ، وقيعان الجاهلية! ونسأل الله تعالى العافية والسلامة!)
© 2024 - موقع الشعر