أَهلاً بِشُهبٍ في سَماءِ المَجلِسِ - صفي الدين الحلي

أَهلاً بِشُهبٍ في سَماءِ المَجلِسِ
هَتَكَت أَشِعَّتُها حِجابَ الحِندَسِ

زُهرٌ إِذا أَرخى الظَلامُ سُتورَهُ
فَعَلَت بِها كَصَحيفَةِ المُتَلَمِّسِ

هيفُ القُدودِ تُريكَ بَهجَةَ مَنظَرٍ
أَبهى لَديكَ مِنَ الجَواري الكُنَّسِ

كَالقُضبِ إِلّا أَنَّها لا تَنثَني
مِنها القُدودُ وَزَهرُها لَم يُلمَسِ

أَذكَت لِحاظَ عُيونِها فَكَأَنَّها
زَهرٌ تَفَتَّحَ في حَديقَةِ نَرجِسِ

نابَت عَنِ الشَمسِ المُنيرَةِ عِندَما
حُبِسَت وَساطِعُ نورِها لَم يُحبَسِ

وَإِذا تَحَدَّرَتِ النُجومُ رَأيتَها
تَرعى النُجومَ بِمُقلَةٍ لَم تَنعَسِ

وَضَحَت أَسِرَّتُها وَقَد عَبِسَ الدُجى
وَتَنَفَّسَت وَالصُبحُ لَم يَتَنَفَّسِ

إِن خاطَبَتها الريحُ رَدَّ لِسانُها
هَمساً كَلَجلَجَةِ اللِسانِ الأَخرَسِ

وَإِذا تَوَعَّدَها النَسيمُ تَرى لَها
خَفقاً كَقَلبِ الخائِفِ المُتَوَسوِسِ

في طَرفِها عُمقٌ إِذا حَقَّقتَهُ
لَم يَبدُ مِنها الإِسمُ إِن لَم يُعكَسِ

عَجَباً لَها تُبدي لَقَطَّ لِسانَها
بِشراً وَتَحيا عِندَ قَطعِ الأَرؤُسِ

رَضِيَت بِبَذلِ النَفسِ حينَ تَبَوَّأَت
مِن حَضرَةِ السُلطانِ أَشرَفَ مَجلِسِ

الصالِحِ المَلِكِ الَّذي إِنعامُهُ
قَيدُ الغَنِيِّ وَطَوقُ جيدِ المُفلِسِ

شَمسٌ حَكى الشَمسَ المُنيرَةَ بِاِسمِهِ
وَضِياءِ مَجلِسِهِ وَبُعدِ المَلمَسِ

هُوَ صاحِبُ البَلَدِ الَّذي لِسَماحِهِ
بِالرِفقِ يَبلُغُ لا بِشَقِّ الأَنفُسِ

لا زالَ في أَوجِ السَعادَةِ لابِساً
مِن حُلَّةِ النُعماءِ أَشرَفَ مَلبَسِ

© 2024 - موقع الشعر