غيب القبر من أحب - حامد حسن معروف

واكبتْ نعشَكَ الحبيبَ القلوبُ
و السَّنا في ركابهِ والطُّيوبُ
 
هزَّها لاعجُ الحنينِ ولا عيْ
بَ إذا شیَّعَ الحبيبَ الحبيبُ
 
یا وجيبَ القلوب في يومَ منعا
هُ وذكراهُ رحمةً يا وجيبُ
 
ما عبرْنا الدُّروبَ نحوكَ إلَّا
شاركتْنا بما يُذيبُ الدُّروبُ
 
أنتَ بينَ الضُّلوعِ وهجُ لهيبٍ
ربَّما مزَّقَ الضُّلوعَ اللَّهيبُ
 
******
هاجرَ العندليبُ عن أيكةِ الشِّع
رِ وأبقى شهيقَه العندليبُ
 
شاعرٌ شابَ سالفاهُ ولكنْ
قلبُه مثلُ شعرهِ لا يشيبُ
 
شاعرٌ يعبدُ الجمالُ ولو کا
نَ ضلالاً فإنَّهُ لا يتوبُ
 
إِنَّه الشِّعرُ في الجوارحِ والأرْ
واحِ همسٌ ونشوةٌ ودبیبُ
 
يُخصِبُ الرَّملُ والصَّحارى إذا طا
فَ وندَّاهما الخيالُ الخصيبُ
 
ربَّ شعرٍ وشاعرٍ يُضْحِكُ الثَّك
لى ويُبكي نعيقُه والنَّعيبُ
****
عاد آذارُ يا "أديب" وآذا
رُ رفيفٌ وأغنياتٌ وطيبُ
 
عربدَ العطرُ في الحقولِ النَّدايا
وانتشَى الشَّاطيءُ النَّعيمُ اللَّعوبُ
 
وعلى السَّفحِ راقصٌ ومغنٍّ
وعلى التَّلِّ عازفٌ وخطيبُ
 
وعلى رَفرْف المقاصيرِ غيدٌ
يعذبُ الشِّعرُ عندها ويطيبُ
 
رجَّعتْ شعرَكَ الغويَّ فراحتْ
وهْيَ سكرَى وكلُّ ثغرٍ خضیبُ
 
ثغرُها مثلُ كأسِنا عندميٌّ
يجمدُ الفجرُ فوقَه ويذوبُ
 
قمْ بنا نَسْرُقِ الأصيلَ منَ الشَّم
سِ فقد ذَهَّبَ التَّلالَ المغيبُ
 
قمْ بنا ننهبِ الدِّنانَ ففي قلبي
إلى نهبِها حنينٌ مُذيبُ
 
نحنُ والشِّعرُ و الدُّجى والشبابُ ال
غضُّ والعاطرانِ : ثغرٌ وكوبُ
 
زغردتْ "عزَّةٌ" وماستْ "لميسٌ"
وصبتْ "کوثرٌ" وغنَّتْ "عریبُ"
 
لو همَى عطرهنَّ بالرَّملِ جنَّ ال
رَّملُ من شوقِهِ وحنَّ الكثيبُ
 
نحنُ منَ يعبَدُ الجمالَ ولو کا
نَ ضلالاً فإنَّنا لا نتوبُ
 
كيفَ لا نستحمُّ بالفجرِ والعِطْ
رِ ونحسُو كؤوسَنا ونغيبُ ؟
 
ثغرُها مثلُ كأسِنا عندميٌّ
يجمَدُ الفجرُ فوقَهُ ويذوبُ
 
کلُّ نعمی وراءَ هذا فإنِّي
مستهينٌ بأمرِها مستريبُ
 
يُمهَلُ الشَّاعرُ النَّبيُّ لأنَّ الشّ
عْرَ والفقرَ حظُّهُ والنَّصيبُ
 
لمْ يروا فيهِ ما يريبُ وهل في
وهجةِ النُّورِ في الضُّحى ما يُريبُ ؟
 
نحنُ أغنى مشاعراً غيرَ أنَّ الشِّ
عْرَ مذهبِ الغنيِّ عیوبُ
 
كلُّ ما نبتغيهِ أنْ تشبعَ الرُّو
حُ وسیَّانِ أن تجوعَ الجُيوبُ
 
والهوَى والقلوبُ شتَّى فقلبٌ
ممرعٌ بالسَّنا وقلبٌ جدیبُ
 
****
لمْ يقمْ في ضفافِ دجلةَ والأرْ
دُنِّ لا "خالدٌ" ولا "سنحريبُ"
 
فاخرَ الغدرُ "بالحسینِ" و "صدَّ
مَ" هذا ابنُه وذاك الرَّبيبُ
 
موكبُ الغدرِ والعمالةِ يحدو
هُ ويقتادهُ الحسيبُ النَّسيبُ
 
مُثْقَلُ القلبِ والضَّميرِ ذنوباً
كيفَ لا تذبحُ الضَّميرَ الذُّنوبُ ؟
 
صاحبَ التَّاجِ نحنُ في الشَّام والأرْ
دُنِّ أهلٌ....وأنتَ أنتَ الغريبُ
 
کلُّ قولِ أذعتَه يخجَلُ التَّا
ريخُ منهُ وكلُّ فعلٍ مُريبُ
 
في غدٍ يبدأُ الحسابُ ويأتي
يومُك الفاجعُ الرَّهيب العصيبُ
 
أسدُ الشَّعبِ والشَّآمِ إذا ما
قالَ باهتْ بما يقولُ الشُّعوبُ
 
يعروبيُّ المنى كبيرٌعلى الدَّه
رِ شموسٌ على الخطوبِ صلیبُ
 
إِنْ دعا شعبَهُ استجابَ و لبَّى
بوركَ المُسْتَجابُ و المُسْتَجيبُ
 
ههنا الحبُّ باسطٌ جانحيهِ
هاهنا عانقَ الهلالَ الصليبُ
 
 
لا تقولوا : دیارنُا مزقٌ شتَّى
فهذا نهبٌ وذاكَ سليبُ
 
ربَّما أخطأ الحكيمُ وقد يح
تاجُ يوماً إلی العلاجِِ الطَّبيبُ
 
غيَّبَ القبرُ من أحبُّ...ولكنْ
ظلَّ في القلبِ حاضراً لا يغيبُ
 
سوف يمحو الزَّمانُ من خاطرِ الذِّك
رَى أحبَّ المنى ، ويبقى "أديبُ"
© 2024 - موقع الشعر