الثاكلان

لـ حامد حسن معروف، ، في الرثاء، 1

الثاكلان - حامد حسن معروف

الثَّاكلانِ : الأهلُ والسُّمَّرُ
والواجمانِ : الدِّينُ و المنبرُ
 
قالوا : ثوى سلمانُ بحرُ النَّدى
في القبرِ قلتُ : البحرُ لا يُقبرُ
 
لم يبقَ للأسماع ِ ما تشتهي
منهُ وللأرواح ِ ما يُسكرُ
 
يا طيفهُ بوركتَ من ظالمٍ
يُسهرُ عينيَّ ولا يسهرُ
 
يا غُيَّباً عنّي ولكنَّكم
في أصغريَّ الغُيَّبُ الحُضَّرُ
 
أبحرتُم لكن شراعي على
مينائهِ راسٍ ولا يُبحرُ
 
عبرتم الدُّنيا إلى عالمٍ
أشهى من الدُّنيا ولا أعبرُ
 
غادرتُم قلبي کسيرا على
ما بي ، و كسرُ القلبِ لا يُجبرُ
 
لم يبق غير القبرِ تقتادُنا
في دربهِ الأيَّامُ و الأشهرُ
 
يا طيِّبَ الأنسابِ فاقَ الوری
كلَّ الورى من جدُّه "جوهرُ"
 
أمَّا "عمادُ الدِّينِ" منْ غيرَه
للدِّين هذا جدُّكَ الأكبرُ؟
 
للشَّعبِ من كفَّيْهما مورد ٌ
عذْبٌ ومن نُوريهُما بيدرُ
 
والهُمَّزُ اللُّمَّزُ إنْ حدَّثوا
والعُيَّبُ الرُّيَّبُ إن خبَّروا
 
قالوا: نشرنا عطر ما خبَّأوا
قلنا : وكيف العطرُ لا يُنشرُ ؟
 
العطرُ للدُّنيا وضلَّ الذي
يضنُّ بالعطرِ ويستأثرُ
 
لا تُطفؤا الصُّبحَ ولا تُسدلوا
ستراً فضوءُ الصُّبح ِ لا يُسترُ
 
"ألنَّجفُ الأشرفُ" يرضى بما
جئنا به و "الأزهرُ" الأزهرُ
 
ما همَّنا إن عابنا معشرٌ
ما "حنبلوا" يوماً ولا "جعفروا"
 
ما عابنا في النَّاسِ إلَّا امرؤٌ
أغراهُ فينا الشَّانيءُ الأبترُ
 
شیخٌ علی دینِ أبي شاكرِ
يستثمرُ الشَّعبَ ولا يُثمرُ
 
يصومُ مضطرَّاً ولكنَّهُ
إلَّا على الصَّهباءِ لا يُفطرُ
 
يشربُها صِرفاً وممزوجةً
لا يرقبُ اللهَ ولا يحذرُ
 
عابَ على الصُّلَّاحِ إصلاحهُمْ
ما "صالحٌ" إلَّا لهُ "قيدرُ"
 
لم يسلم "الصَّالحُ" من كيدهِ
يوماً ولا "الأحمدُ" و "الخيِّرُ"
 
أوسعته حلماً وصابرتُه
والفوزُ في العُتبى لمن يَصْبرُ
 
إن قالَ أو حدَّث ساءلتُه :
یا شیخُ کیف استعربَ البربرُ ؟
 
لا تسألوا عذراً لهُ إنَّما
يُعزَّزُ الجاني ولا يُعذرُ
 
دافعتُ عن حقّي صليبَ القنا
وكان هذا فوق ما قدَّروا
 
حاربتُهم حيناً ، ولكَّنني
هادنتُ لمَّا هادنَ "القيصرُ"
 
لا يأمنُوها إنَّها هدنةٌ
أرضى "أبا حفصٍ" بها "حیدرُ"
 
والنَّسرُ إن عافَ ارتيادَ الذُّرا
زُهداً بها يستنسرُ القُبَّرُ
 
عندي له العُتبى إذا شاءَها
وإنْ أبى فالسَّاحُ والعسكرُ
 
شعري وهل يلقى قبولاً إذا
وافاك يا سلمانُ يستعذرُ ؟
 
والشِّعرُ ما ألهمتني سحره
والدُّرُّ في مدحك ما يُنثَرُ
 
شعري وأنت الشَّهدُ في طعمهِ
والطِّيبُ والسِّلسالُ والسُّكَّرُ
 
أوقفتُهُ في ظلِّ أعتابكمْ
يبسطُ كفَّيه و يستغفرُ
 
لمْ أجعلِ القرطاسَ سجناً لهُ
خيفةَ أن تحترقَ الأسطرُ
 
يرفضُّ منهُ الخالصُ المنتقَى
والنَّادرُ النَّادرُ والأندرُ
 
من بحركَ السِّلسالِ أنهارُه
والبحرُ تنقادُ له الأنهُرُ
 
إذا سألناكَ وحدَّثْتَنا
ينسابُ في أكبادِنا "الكوثرُ"
 
صحراءُ نفسي كلَّما أجدبتْ
تدعو بك اللهَ وتستمطرُ
 
یا قائدَ الذَّادةِ من يعربٍ
إنْ أجلبوا للرَّوع ِ واستنفروا
 
‏مافيهمُ إلَّا كبيرُ النُّهى
وأنتَ من أكبرهم أكبرُ !!
 
والشَّمسَ لو تُسفرُ عن وجهها
فالشُّهبُ كلُّ الشُّهبِ لا تظهرُ
 
إن أضمرَ الطَّاغي وأخفى الأذى
أعلنتَ ما يُخفي وما يضمرُ
 
أبدعتَ ... والدُّنيا لمنْ أبدعوا
والشَّامُ من أسمائِها "عبقرُ"

مناسبة القصيدة

في أربعين الشيخ سلمان يونس-فجلیت ۲۰ تموز ۱۹۹۰
© 2024 - موقع الشعر