الأباة

لـ حامد حسن معروف، ، في الرثاء، 1

الأباة - حامد حسن معروف

آلُكَ الصِّيدُ الميامينُ الأباةُ
ذكرهم طیب و نجواهم صلاة
 
في فمِ الدُّنيا أغاريدُ و في
جفنِ عينِ المجدِ والجيدِ التفاتُ
 
قادةٌ في زحمةِ الجلَّى إذا
أخطأ النَّهجَ الأدلَّاءُ الهداةُ
 
أيُّها النَّاعونَ ما یدریکمُ
أن أيامي وساعاتي نُعاةُ ؟
 
أينَ من عينيَّ أحلامُ الصِّبا
والحبيبانِ : شبابي واللِّداتُ ؟
 
والصِّبا حلوُ المجاني إنَّما
بعضُ أحلامِ التَّصابي سيِّئاتُ
 
لا يغرَّنكَ ابتسامٌ طائفٌ
في شفاهي فابتسامي حشرجاتُ
 
أجدبت عيني من الرُّؤيا ولمْ
يبقَ لي إلَّا الدُّموعُ المحرقاتُ
 
تنبتُ الآلام روحي مثلما
تنبتُ الورد على الخصبِ النَّواةُ
 
أقلقَ النَّجمَ وجيبي في الدُّجى
وجراحي أشفقتْ منها الأساةُ
 
أيُّها الثَّاوي ومن جندِ العلی
رفَّ مثواهُ فئاتٌ وفئاتُ
 
جفَّ دمعي فوقَ مثوى والدي
وانطوتْ فوقَ ثراكَ الأمنياتُ
 
أينَ من عينيَّ نُعمى هجعةٍ
في دُجى ليلي و لُقيا مشتهاةُ ؟
 
يا ابنَ خيرِ النَّاسِ إنَّا معشرٌ
يعصفُ الجهلُ بنا والعنعناتُ
 
ضاحكٌ باكٍ وأحداثُ الرَّدى
شرُّهنَّ المضحكاتُ المبكياتُ
 
ندَّعي أنَّا ملكنا أمرَنا
أينَ ممَّا ندَّعيهِ البيِّناتُ ؟
 
أيُّها الطَّاغونَ هذا ركبُكمْ
يعبرُ التَّاريخَ تحدوهُ الطُّغاةُ
 
لكم الشعب وما تنتجُهُ
يدُهُ والأرضُ حتَّى والجِهاتُ
 
كلَّما جعتُمُ حلبتمْ دَرَّهُ
وتساقیتمْ کأنَّ الشَّعبَ شاةُ
 
دمعُهُ خمرٌ مُتاحٌ كلَّما
عربدَ الشُّرَّابُ وافتنَّ السُّقاةُ
 
جائعٌ يعطيكمُ من روحهِ
كلَّ ما طابَ ويرضيهِ الفُتاتُ
 
یا روابي القُدس هل ترضَى العُلى
إنْ صبرنا عنكِ أو تجدي الأناةُ ؟
 
بوركَ الحقدُ المدمَّى فهو في
کلِّ صدرٍ يعروبيٍّ غمغماتُ
 
يتلظَّى في حنايانا أمَا
آنَ للأضغانِ والحقدِ انفلاتُ ؟
 
کیف ننساها ومنها وحيُنا ؟
ولنا فيها تراثٌ وتراثُ ؟
 
قتلونا شرَّدونا واشتکی
لاهب السَّوطِ فتانا والفَتاةُ
 
والأيامی واليتامى في الدُّجى
کیف باتوا ؟؟ لا تسلني كيفَ باتوا ؟
 
أين قومي والسَّرايا والظُّبى ؟
والجيادُ الجُردُ تزجيها الغزاةُ ؟
 
أينَ قومي ؟ كلَّما ناديتُهم
ردَّدَ التاريخُ والأجيالُ ماتوا
 
"آلَ معروفٍ" كفاكم أنَّكم
نبعةٌ بینَ البرايا مُصطفاةُ
 
تسجدُ الأقدارُ في أعتابكمْ
والمحبُّون احتراما والعُداةُ
 
والعُلى إنَّ العُلى في شرعِكمْ
ترخصُ الأموالُ فيها والحياةُ
 
نضَّرَ الرَّحمنُ قبراً حولَهُ
يصعدُ الطِّيْبُ وتهوي النَّيِّراتُ

مناسبة القصيدة

في أربعين الشيخ الجليل حسن محمد ديب آل معروف عام ١٩٥٤
© 2024 - موقع الشعر