الخاصُ فيك مرزَّأٌ و العام - حامد حسن معروف

بَخَستْكَ حقَّكَ هذهِ الآنامُ
فاذْهَبْ عَليكَ تحيَّةٌ وسَلامُ
 
عَجباً لِقومٍ ناوأُوكَ ، جَهالةً
يتأمَّرونَ ، وجدُّهمْ غنَّامُ
 
لو يعلَمونكَ كانَ حظَّكَ منهُمُ –
الإجْلالُ ، والإكبارُ ، والإعظامُ
 
والآنَ بعدَ خفيفِ ركبكَ زُحزِحتْ
حُجبُ العَمى وتنبَّهَ النُيَّامُ
 
أدمُوا منَ النَّدمِ البنانَ ، وأطرَقوا
خَجلاً ، وعنهُمْ تُفصحُ الآلامُ
 
يا بْنَ المُحمَّدِ ، وهْيَ دعوةُ شاعرٍ
منهُ الأضالعُ ، حشْوُهنَّ ضِرامُ
 
المجدُ بعدكَ زُلزلتْ أركانُهُ
والدِّينُ كانَ لهُ بكَ اسْتَعصامُ
 
فلْتُطوَ ألويةُ البلاغةِ ، ولْيغِضْ
بحرُ النَّدى ، ولْتُكسَرِ الأقلامُ
 
ولْيخْتلِ النُّزَّاعُ نحوَ ضلالِهِ
وبغاةُ غيٍّ بالرَّدى هُيَّامُ
 
مولايَ ، لستُ بمالكٍ إلّا المُنى
ممَّا أريدُ ، وفوقَ ذاكَ مرامُ
 
ماذا أقولُ :؟ وآلُ بيتكَ خصَّصوا
والخاصُّ فيكَ مُرزَّأ والعامُ
 
وأجلُّ ما صنعوهُ عنْ حزبيَّةٍ
أوحتْ لأقوامٍ بها أقوامُ
 
ما لي أرى دعواتهمْ منْ دونِنا -
احْتُكرتْ :؟ أحالتْ دُوننا الآكامُ ؟
 
أمْ عادةٌ وهميَّةٌ متبوعةٌ :؟
وقيودُنا العاداتُ .. والأوهامُ
 
أم سُنَّةٌ لمْ يشترعْها أحمدٌ ؟
قدُمتْ فأحكمَ وضعَها الأعوامُ
 
ما ضرَّ لو مثَّلتُ قومي الصّيدَ في
قومٍ بواجبكَ المقدَّسِ قاموا
 
ما ضرَّ لو جمعتْ رحاب دياركمْ
ما ضمَّ (بهراءٌ) وضمَّ (لُكامُ)
 
والكلُّ تربطهمْ برزئك نسبةٌ
حلقاتُها الآباءُ والأعمامُ
 
يقضونَ منسكَهمْ فقبرُكَ عندَهمْ
بيتٌ ، وموطئُ نعلكَ الإحرامُ
 
يتبادَلونَ عواطفاً عصرَ الأسى
ريَّانَها ، حتَّى اسْتَفاضَ الجامُ
 
للمبدأِ السَّامي أشرعتَهُ
منذُ الطّفولةِ كلُّهمْ خُدَّامُ
 
في العينِ أقذاءٌ ، وطيّ ضلوعهمْ
لهبٌ ، وفي مهجاتِهمْ أسهامُ
 
سيفُ التَّقاطُعِ يا ابنَ أكرمِ والدٍ
لعُرى التَّعاونِ والإخا فصَّامُ
 
هذا التقاطعُ : إنْ تطاولَ عهدُهُ
ما بيننا تتقطَّعُ الأرحامُ
 
وتعودُ كلُّ محلَّةٍ في عُزلةٍ
فيها أميرٌ مالكٌ وإمامُ
 
وإذا الشُّعوبُ تخاذلتْ وتنوّعتْ
صبغاتُها ، سخرتْ بها الأيَّامُ
 
وإذا الشُّعوبُ تكاتفتْ وتوحَّدتْ
كلماتُها ، تتحقَّقُ الأحلامُ
 
وإذا أحلَّ الدِّينُ تفرقةً فقدْ
وأدَ الحقيقةَ ، والحلالُ حرامُ
 
ماذا أأتَّخذُ الملامَ ؟ وحُقَّ لي
كلّا : فليسَ على الكرامِ ملامُ
 
إنْ شطَّ بي قلمي الجموحُ ، فبعدُ لي
رُجعى - لما يرضونَ - واسْتسلامُ
 
وا خيبةَ المسْعى : ولمْ يتسنَّ لي
في بعضِ واجبكَ العظيمِ قيامُ
 
أولسْتَ أنتَ النَّاشرَ العلمَ الّذي
أسداؤهُ الإصلاحُ والإلحامُ
 
لكَ خطَّةٌ في الشَّعبِ إصلاحيَّةٌ
- ما زالَ معمولاً بها - ونظامُ
 
الكونُ منْ نُشَّادِها ، ونصوصُها
الحبُّ عرشٌ ، والسّلامُ دعامُ
 
كنتُ العقوقَ إذا تخطّأني الّذي
أشْرعتهُ ، وليَعصني الإلهامُ
 
وكأنَّني بالشِّعرِ قامتْ سوقُهُ
وترفَّعتْ لرواتهِ الأعلامُ
 
وتسنَّمتْ فئةُ التَّشاعُرِ منبراً
تُغضي العيونُ لهُ ، ويُحنى الهامُ
 
يتراصفونَ حيالَ منبرهمْ ، وفي
يومَ الرَّدى ، جيشُ البيانِ عُرامُ
 
غَرقى بأبحارِ المدامعِ كلّهمْ
مُتكلِّفٌ مُتصنِّعٌ نظَّامُ
 
ليسَ المجنّ الدمعُ إنْ نشبَ الرَّدى
أظفارَهُ ، والحادثاتُ جسامُ
 
يتظلَّمونَ منَ الزَّمانِ وعالمٍ
ربُّ البريّةِ أنَّهمْ ظلّامُ
 
ثكلتكمُ آباؤُكمْ ، ماذا جنى
يومٌ وشهرٌ ( في الحياةِ ) وعامُ ؟
 
الحكمُ للأقدارِ تجري بالَّذي
يقضيهِ فينا الحاكمُ العلَّامُ
 
وتزاحمتْ صيدُ الورى وعبيدُها
اللهُ أكبرُ والحياةُ زحامُ
 
ما الصُّنعُ والمتأخِّرونَ تقدَّموا
يومَ السِّباقِ ، وأخِّرَ المقدامُ ؟؟
 
وأبيحَ عرشُ الشِّعرِ يا ابنَ محمَّدٍ
لا مالكٌ فيهِ ، ولا قوَّامُ
 
دررُ الفصاحةِ والبلاغةِ أرخصتْ
منْ بعدكمْ ، وتكاثرَ السُّوَّامُ
 
وغدتْ زعانفةُ الورى محتلَّةً
فالأكرمونَ تراثُهم أقسامُ
 
منَّا العبيدُ الصَّاغرونَ ومنهمُ -
الأمراءُ والقوَّادُ ، والحُكَّامُ
 
عاثوا بمملكةِ العُلى فتفجَّرتْ
غيظاً كما تتفجَّرُ الألغامُ
 
حزنتْ قبورُ الأكرمين وكادَ أنْ
ينشقُّ عنها جنْدلٌ ورجامُ
 
كمْ مدَّعٍ غُرٍّ تساوى عندهُ -
الإعرابُ في الأقوالِ والإعجامُ
 
يُمنى بجعجعة الكلام جليسُهُ
وأنيسُهُ ، ومنَ الكلامِ كلامُ
 
ويخالُ عاصي الشِّعرِ طوعَ بنانهِ
جهلاً ، وإنَّ عصاتَهُ الصَّمْصامُ
 
والأمرُ : إمّا يغدُ ما بين الورى
فوضى ، فكلُّ العالمينَ سَوامُ
 
للهِ خطبُكَ وهْوَ خطبٌ فادحٌ
كادتْ لهُ تتساقطُ الأجرامُ
 
ترتجُّ أمصارٌ ، تُشقُّ مرائرٍ
تنأى المُنى تتَزلزلُ الأقدامُ
 
وتناثرتْ آمالُ أُمّتكَ الّتي -
ازْدَهرتْ كما تتناثرُ الأكمامُ
 
يهتزُّ فيهُ السِّلكُ يبرقُ قائلاً
اليومَ ماتَ الدّينُ والإسلامُ
 
فاذْهَبْ عليكَ سلامُ ربِّك ما شدا
بينَ الخمائلِ والرِّياضِ حمامُ
 
حبسو ٣ / ٩ / ١٣٥٤ ه
© 2024 - موقع الشعر