لك منَّةٌ و لآلِ بيتكَ نعمةٌ - حامد حسن معروف

كحَّلتُ جفني من ثراكَ الطيِّبِ
ووقفتُ أمسحُ دمعةَ الحُرِّ الأبي
 
كفكفتُ دمعي فيكَ خيفةَ شامتٍ
و حذارَ شائعةِ العدى لم أندبِ
 
وحنوتُ ألقمهُ صباحاً مشرقاً
فكأنَّني أحنو على مثوَى نبي
 
طأطأتُ رأسي للجلالِ مهابةً
وأجلتُ عينَ الخاشع المتهيِّبِ
 
لي مدمعٌ لو مرَّ في لهبِ اللَّظى
أو رفَّ صحراءَ الثَّرى تعشَوشبِ
 
وتزور أجفاني فأطبقُها علی
طیفٍ نديِّ الجانحين محبِّبِ
 
إن غبتَ عن عيني فشخصكَ حاضرٌ
عندي فأنتَ من الحضورِ الغُيَّبِ
 
يا راحلاً عنِّي ولو يُجدي الفدا
لفديتُه بأبي أبي وأبي و بي
 
ناضلتَ ما شاءَ الجهادُ و "صالحٌ"
يزجي الكتائبَ موكباً في موكبِ
 
فعجبتُ كيف طمحتُما وبلغتُما
شأوَ العُلا وزهدتُما في المنصبِ
 
بوركتما وتبارکت نفساكُما
سمتا وما رجتا دنيَّ المطلبِ
 
وطلعتَ في وهجِ المعامعِ ضیغما
عجلانَ يا للضَّيغمِ المتوثِّبِ
 
والمجدُ ما وطأتْ مدارجه سوی
قدمٍ تسيرُ على اللَّظى المتلهِّبِ
 
والدَّربُ دربُ المجدِ شائكةٌ ولم
يرتحْ لنيلِ المجدِ من لمْ يتعبِ
 
وعرائسُ الأمجادِ تعشقُ أغلباً
وردا وتهزأُ بالرِّجالِ الهُيَّبِ
 
صلبتْ قناتُكما فحاولَ غمزَها
والكيدَ فانتفضَ الإباءُ اليعربي
 
 
و زأرتُما في اللَّاذقيةِ فانبرى
صوتُ "الحسينِ" مجلجلاً في "یثربِ"
 
وأثرتُماها ثورةً وسقيتُما
عطشى الرِّمالِ دم الدَّخيلِ الأجنبي
 
فإذا "الجزيرةُ" عاصفٌ يرمي العدى
بالمارجِ الطَّاغي وما من مَهربِ
 
وترنَّحتْ سُودُ المنونِ وقد مشتْ
فوقَ الثَّرى المخضوضلِ المخضوضبِ
 
شرقتْ بخمرِ نجيعها فتعتَّبتْ
أوفيك معتبةً وإن لم تَعتُبِ ؟
 
بشراكَ لم تغمضْ جفونكَ قبلما
شاهدتَ وثبةَ وانتفاضةَ "يعربِ"
 
ورأيتَ كيف الشام تقتنصُ المُنى
وتسيرُ عجلی فوقَ هامِ الكوكبِ
 
يمشي الأباةُ بها إلى استقلالها
فترفُّ ثغرَ الموردِ المتعبِ
 
وعلى ضفافِ النيلِ صرخةَ خادرٍ
لسوى كرامةِ شعبهِ لم يغضبِ
 
وعلى امتدادِ "الأطلسي" الخضل الذُّرى
وحشٌ تصارعهُ شعوب المغربِ
 
يبغونَ حقَّهُم فيأباهُ لهم
فيثور يمتشقُ الحسامَ بنو أبي
 
وغداً سنطلعُ والرِّفاقُ توثُّبٌ
وترقُّبٌ في يومنا المترقَّبِ
 
ويُظِّلنا علمُ العروبةِ خافقاً
نشوانَ من طوروسَ حتَّى المندبِ
 
وعلی روابي القدس موعدُنا غدا
لنعيد كلَّ مشرَّدٍ ومعذَّبِ
 
بیتُ العروبةِ قبلتي ومحجَّتي
ومحبَّةُ الوطنِ المقدَّسِ مذهبي
 
ولقدْ صحبتُكَ والشَّبابُ يهزُّ منْ
عطفي فكنتَ معلِّمي ومؤدِّبي
 
وسلكتُ نهجَكَ في الحياةِ مقلِّداً
ولكَ اليمينُ عليَّ لم أتنكَّبِ
 
یا مُنصفي من عُصبةٍ لا ترتضي
وجهَ الضُّحى والحقِّ إن لم يُحجبِ
 
قالوا وما صدقوا بأني شانيءٌ
ما كنتُ بالشَّاني ولا المتعصِّبِ
 
وعجبتُ للشَّوهاءِ تمشي سافراً
شلَّتْ يداكِ تنقَّبي و تحجَّبي
 
لا تُسفري تؤذي العيونَ وتجرحي
ألقَ الصَّباحِ وأنتِ بنتُ الغيهبِ
 
ذنبي إليهم أنَّني وجَّهتُهُمْ
نحو الهدى يا للبريءِ المُذنبِ
 
شتان بين منعَّمٍ في جنَّةٍ
فینانةٍ ومضيَّع ٍ في سبسَبِ
 
یا بنَ الألى وعلى مفارقِ هامِهمْ
غارُ الجهادِ وزهوةُ المتغلِّبِ
 
"للمحرزيِّ أبي الفتوحِ" مآثرٌ
إنْ تروَ في الدِّمنِ الجديبةِ تُخصبِ
 
لكَ منَّةٌ و لآلِ بيتكَ نعمةٌ
عندي أنوءُ بها وتُثقِلُ منکبي
 
صلَّى الإلهُ عليكَ من متوسِّدٍ
وسقتْك غاديةُ الغمامِ الصَّيِّبِ
© 2024 - موقع الشعر