هل أتغبَ الوتَر الرَّنينُ؟؟ - حامد حسن معروف

عينانِ أطبقتا علی رؤیا نبي
تستوحیانِ خفيَّ کلِّ مغيَّبِ
 
وخضیبتانِ بکلِّ قافيةٍ، غدا
بهما الضُّحى الذهبيُّ غيرَ مذهَّبِ
 
لم يُطفيء الموتُ الشُّعاع َعلى فمٍ
بالشِّعرِ ، بالسَّمرِ الشَّهيِّ مطیَّبِ
 
أبقى على القسماتِ ما أبقتْ علی
شفةِ الذُّرى قبل اصفرارِ المغربِ
 
خُصلٌ تنوسُ على انبلاجةِ مفرق ٍ
بشموخِ كلِّ الكبرياءِ معصَّبِ
 
********
 
 
وقفوا حيالكَ واجمينَ كأنَّهمْ
يتوقَّعونَ عتابَ من لم يعتبِ
 
وقفوا يديرُ عيونَهم خجلُ الأسى
فعرفتُ كيفَ يُدارُ طرفُ المذنبِ
 
خشعتْ لموكبكَ العيونُ ، كأنَّما
من كبريائكَ كبرياءُ الموكبِ
 
قلمٌ بمائجةِ العطورِ غمستَه
برفيفِ لألأةِ الضحى .. بالكوكبِ
 
إن واكبَ الصَّحراءَ ندَّى قيظَها
أو رفَّ بالدِّمنِ الجديبةِ تُخصبِ
 
أرهقتَه حسَّاً فعاشَ معذَّباً
وثكلتَه إن عاشَ غير معذَّبِ
 
نعموا بما كتبت يداكَ ، وبعضُهمْ
نعموا بها .. وببعضِ ما لم تَكتُبِ
 
والشَّاعريَّةُ والبراءةُ عاشتا
مصلوبتين ، وأيُّنا لم يُصلبِ ؟
 
هل أتعبَ الوترَ الرَّنينُ ؟ فنام في ال
أوتارِ .. في القيثارِ كلُّ محبَّبِ
 
ما جفَّ كرمُك و الدَّنانُ ، ولم تزلْ
مكتظَّةً بالسَّلسبيلِ الطَّيِّبِ
 
********
 
 
وحنوتَ تحتضنُ العروبةَ شاعراً
فخطوت تُدلجُ في الطريقِ المتعبِ
 
فمن الخليجِ إلى المحيطِ أردتَها
كبرى ومن طوروس حتَّى المندبِ
 
وحدودُ آفاقِ الخيالِ تقاصرتْ
من دونها، و كبتْ خيولُ المطلبِ
 
********
 
وطني نذرتُ له دمي ، ولأجله
أحيا ، و كلُّ السَّاكنيهِ بنو أبي
 
متخضِّبٌ بدمٍ ، و لفحِ لظىً ، وما
عبر الزمانُ علیه غیرَ مخضَّبِ
 
هزلتْ بهِ قيمُ الحياةِ ، وطالما
عبثَ الوليدُ بها، وفلسفَها صبي
 
وقد استوى فيهِ الحكيمُ ، ومن ثوى
في جهلهِ ، وأخو النَّباهة ، و الغبي
 
********
 
آمنتُ بالحزبيِّ ربَّ عقيدةٍ
وقضيَّةٍ .. وكفرتُ بالمتحزِّبِ
 
رفعَ الشِّعارَ ، وراحَ يرقصُ تحتهُ
رقصَ الجنونِ ، وهمُّه في المنصبِ
 
إني لأكبرُ كلَّ صاحب مذهبٍ
متقدِّمٍ .. إلَّا غلاةَ المذهبِ
 
غمِّسْ حوارَك بالمحبَّةِ هادئاً
و اذبحْ بصدرك نزعةَ المتعصِّبِ
 
******
 
وبرئتُ من عفنِ الضَّميرِ ينالُ منْ
شرفِ القضيَّةِ ما ينالُ الأجنبي
 
کثرتْ دروبُ ضميره، وتعرَّجتْ
في کلِّ متَّجهٍ كبيتِ الثَّعلبِ
 
ماذا ؟ أتؤمنُ بالنِّضالِ عقيدةً
وتطيرُ إن فجأتك صَرَّةُ جندبِ ؟
 
عمِّدْ عيونك باللَّظى متقحِّماً
واسكبْ من اللَّهبِ المقدَّسِ و اشربِ
 
*******
 
غضبتْ دمشقُ فلو نزلتَ بها علی
غضبٍ نزلتَ على المُخيفِ المُرعبِ
 
لمستْ حزيرانَ الجراحُ ، وهالَها
أنَّ الجراحَ السُّودَ لمْ تتندَّبِ
 
فتمیَّزتْ حنقاً ، و دمدمَ حقدُها
في الصَّدرِ وانتفضَ الإباءُ اليعربي
 
من كان ذا أرضٍ ، و ذا عرضٍ ، وذا
دینٍ ، وربَّ عقيدةٍ .. فليغضبِ
 
رفعتْ شعارَ الصَّامدينَ ، وعبَّأتْ
لغدِ الوغی ما هيَّأ الأسدُ الأبي
 
*******
 
عيناي مجدبتانِ من ألق الرُّؤى
فاسكبْ رؤاكَ على المحيلِ المجدبِ
 
إن غبتَ أحضركَ المُنى في ناظري
طيفاً .. فأنت من الحضور الغُيَّبِ
© 2024 - موقع الشعر