مناظرة مع أبي ذؤيب الهُذلي - أحمد علي سليمان

أمِنَ المَنونِ وريْبها تَتَوَجَّعُ؟
والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزعُ

فِيمَ البكاءُ ، ولسْتَ أولَ مَنْ بَكَى
أوليسَ بَعْدكَ سَوفَ يأتِي مُوجَعُ؟

كُفَّ الدُّمُوعَ ، فإنَّهَا قَدْ أحْرَقَتْ
خَدَّيْكَ ، والقلْبُ المُرَوَّع يَدْمَعُ

والمُقلَةُ البيضاءُ لا تحفلْ بَها
حتى مَتى فِي مُقلةٍ تَتَضَعْضَع

أنت القَوِيُّ ، لأمرِ ربِّك فاصطبرْ
ولئنْ جَزَعْتَ لِكُلِّ ما يُتَوَقَع

سيَضِيعُ دربُكَ ، ثمَّ تسقطُ في الشقا
ونَرَاكَ في جوف المَخَازِي تَرْتَع

أَأَبَا ذُؤَيْبٍ: مُقْلَتِي وحَبِيبَتِي
وتقولُ لي: أمِنَ القَضَا تَتَوَجَّع؟

إنَّ الرِّضَا بقَضَا الإله سَجِيَّتِي
عَدمُ الرضا بقضائه لا يَنْفَع

أَسَدٌ أنا في مِحْنَتِي ، لكنَّ دمْ
عَ العَينِ يَغلبُ كلَّ مَنْ يَتَشَجَّع

مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ سَمِعْتَ تَوجُّعِي
وأعرتَ سمعَكَ للذي يَتَقَطَّع

فِي كُل يوم مَرَّ أبكي مُقلتي
واللهُ يُبصر مَدْمَعَيّ ، ويسمع

لو كنت أملك كبح تسكاب الدمو
ع كبحتها ، إذ أنني مُتَرَفِّع

لَكِنَّمَا قَدَرُ المَليك (أبَا ذؤي
بٍ) حَاطَنِي ، هَلْ أمرُ ربِّكَ يُدْفَع؟

أَأَبَا ذُؤَيْبٍ: مَا دهى أولادكم؟
ماتُوا ، وأمرٌ مِثْل هَذَا مُفْجِع؟

وكَمَا تَجَلَّدَ للمَنُون أبُوهُمُ
فأنَا بها أولى ، لربِّي أَضْرَّع

للهم رد العين هذي ، واهدها
فِي رحمةِ الرحمنِ إِنِّي أطمع

© 2024 - موقع الشعر