مُتْ غيرَ مأسوف عليك - أحمد علي سليمان

للاستقامة – في أصحابها - سِيَمُ
وفي الوجوه سجايا ليس تنبهمُ

وللهوى أثرٌ فيمن يَدينُ به
لا يستوي الصبحُ في الإشراق والغسم

والدينُ يرفعُ مَن مِنهاجَه اتبعوا
ومَن بشِرعته بين الورى اعتصموا

أما الذي ركبَ الأهواء مُنتشياً
وأفسد القلبَ بالعصيان يضطرم

وأشبعَ النفسَ مِن سوآى غرائزها
حتى استبدّتْ بها الأهوال والقحَم

وناول الروحَ مما تشتهي حِصصاً
مِن الفجور ، فبئس المرتعُ الوخِم

وأطلق العين – في العوْرات - هائمة
فغالها الشبَقُ المَسعورُ والنهم

فما استفاق من النيران تحرقه
ولم يكن رادعاً – للمجرم - الجَحم

ولم يكن زاجراً عن غيه أدبٌ
كلا ، ولمّا تحُلْ عن نكسةٍ - قيم

والفرْجُ صدّق ما العيونُ قد نظرتْ
وما إليه سعتْ في غيّها قدم

وأدمن التيسُ إتيان العنوز ضحىً
كما يحِنّ إلى الغادات مُحتلم

وعاين الناسُ عن قرب فضائحه
في كل وادٍ ، وبان السمتُ والسيَم

واستعجل الكل موتاً ليس يُخطئه
سيسعدون إذا ما اغتاله العدم

حتى إذا مات سُرّ الكل ، وابتهجوا
وزايل البؤسُ والإيلامُ والسدم

والناس بعضهمُ غنتْ مشاعرُه
واستبشروا بقدوم الخير مذ علموا

والبعضُ في موته – والله – قد شمتوا
كأنهم برحيل النذل قد غنموا

مُتْ غيرَ مُفتقدٍ ، فلست مُحترماً
والقلبُ يأسفُ إمّا غاب محترم

وليس يَبكي على نفوقكم أحدٌ
ومنك رب السما حتماً سينتقم

© 2024 - موقع الشعر