معاوية بن أبي سفيان ما له وما عليه - أحمد علي سليمان

عَمّتْ - بما كتبَ الغثا - البلواءُ
وتعالمَ الجُهّالُ والسفهاءُ

وتعمدوا طمسَ الحقائق جُملة
ما ردّهم أدبٌ ولا استحياء

هم زوروا التاريخ في أسفارهم
وبكل تزوير شدا الأعداء

هم زيفوا كل الروايات التي
ذكروا لأن رواتهم خبثاء

هم دلسوا بعض القضايا جهرة
كي يُقنعوا الدنيا بما هم جاؤوا

هم روّجوا لأدلةٍ مكذوبةٍ
والكِذبُ بادٍ ، ليس فيه خفاء

هم لفقوا الأخبار تنصرُ باطلاً
ونصوصُ أخبار الغواة هُراء

هم جاملوا بالزيف أعداء الهُدى
متعمدين الضر حين أساؤوا

هم صدقوا الضُلالَ إذ مكروا بهم
ولكل مكر رونقٌ وبهاء

سبوا صحابة (أحمدٍ) وتنقصوا
أقدارهم ، فازدادتِ البلواء

هم من قرون عشْرةٍ في غيّهم
والغي كم يشقى به العقلاء

فحياتهم سَبٌ ولعنٌ وافتِرا
ومَطاعنٌ مِن بعدها استهزاء

والسخرياتُ تشوبُ أغلبَ قولهم
والشتمُ والتشويهُ والإقصاء

والطعنُ في الأعراض دَيدنُ جَمْعهم
والهمز والتفسيقُ والإشفاء

والغمز والتشهيرُ دون تحفظٍ
واللمز والتكفيرُ والإزراء

والنيل والتبديعُ دون أدلةٍ
والدسّ والإزبادُ والإرغاء

أوَما درَوْا أن الحقيقة شمسُها
ليست تغيبُ ، وإن أتت ظلماء؟

في (جوجل) كم من حقائقَ تزدهي
ولها جمالُ أدلةٍ وضياء

و(الويبُ) يزخرُ بالحقائق نصُها
يهفو إلى تحليله الفهماء

و(أبو يزيدٍ) دنسوا تاريخه
وبغى عليه أراذلٌ وُضَعاء

وتعقبوا أخطاءه في خِسّةٍ
وسبيلهم في حربه الأهواء

لم يعبأوا بتُراثه وجهاده
أعمتْهمُ الأحقادُ والبغضاء

هو إبنُ عم نبينا ونسيبُه
هو سيدٌ مُتفضلٌ مِعطاء

هو خال كل المؤمنين بلا مرا
إذ ليس في هذا الكلام مِراء

وإذا عرفنا (رملة) لم نندهش
هذا أخوها ، نِعمَ ذاك إخاء

وبنو أميةَ قومُه بلغوا الذرى
هم سادة رئبالة شُرفاء

مِن عبدِ شمس كان أول نسلهم
وهم العِظامُ القادة الكُبراء

عبدُ المناف وعبد شمس زايلا
كل الذي لا يفعلُ العُظماء

فتفردا بالمجد والنعمى معاً
ولكل حُر صَولة وثراء

وأبو معاويةٍ أبو سفيانَ ذا
ومُظاهرُ المُستضعفين سواء

والأم (هندٌ) بنتُ عُتبةَ صِيتُها
مِن خير ما تصبو إليه نساء

وهي المُطهرة العفيفة ما زنتْ
هل حُرة يسعى إليهاْ زناء؟

واللهِ ما أكلتْ كُبوداً ، حَققوا
هذي الرواية فرية بَتراء

لا النص صحّ ، ولا الرواية أسْندتْ
والصدقُ كم يسمو به الصلحاء

حتى وإن فعلتْ فلم تكُ أسلمتْ
والسِلمُ - للسوآى أتتْ - جبّاء

أما (معاوية) فصاحبُ (أحمدٍ)
وله نضالٌ مُخبتٌ وولاء

هو كاتبُ الوحي اصطفاه نبينا
إن الكتابة دُربة ووفاء

شهد المغازيَ والفتوحَ مجاهداً
وكفاحُه مُستبسلٌ وَضاء

واسألْ (تبوكاً) أو (حُنيناً) تُخبرا
عن بأسه ما قالتِ الهيجاء

و(الطائفُ) احتملتْ بياديها الوغى
إذ طابَ مُعتركٌ وطاب لقاء

وسل (اليمامة) عن (معاوية) انبرى
لقتال قوم بالهزيمة باءوا

أعني الألى ارتدوا وأشهرَ كفرُهم
وقد استوى الإظهارُ والإخفاء

واسأل فتوحَ الشام عن تسييره
للجيش مَستْ عزمَه البأساء

وهناك (قيسارية) شهدتْ بما
بذلَ الهمامُ إذِ التقى الفرقاء

هجمتْ جيوشُ الروم تضبَحُ خيلها
وجيوشنا عصفتْ بها الضراء

و(أبو يزيد) لم يخنْهُ مَضاؤهُ
بل جاءه – بعد المضاء - مضاء

أبلى بلاءُ لا سبيل لوصفه
وكذاك تصوير البلاء بلاء

والحربُ جُندٌ يغتدي بخيوله
وعَتاده ، ومع العتاد دهاء

عشرون عاماً وهْو والي شامِنا
وأحبه العلماءُ والجهلاء

عشرون أخرى في الخلافة حاكماً
يُعْلي الخلافة – في الدنا - الخلفاء

هو أنشأ الأسطولَ يحمي ساحلاً
تهنا الدنا إن أمّنَ الدأماء

والدارُ تصنعُ سُفْنه هو شادها
والسفْنُ تجري ، والرياحُ رُخاء

والرومُ ذاقوا من (معاويةَ) الأذى
هم بالصوائف والشواتي ناؤوا

وروى الحديث عن النبي رواية
لا اللحنُ خالطها ولا الأخطاء

ستون زدن ثلاثة ، ومُتونُها
صحّتْ ، أحاديثٌ لها سِيماء

ضبط الرواة نصوصَها لمُريدها
ما كان – في إسنادها - ضعفاء

ونبينا أملى عليه رسائلاً
شرفَ اليراع ، وحُبّرَ الإملاء

ومناقب الشهم التقي تعددتْ
في رَصْدها يتلعثم الإحصاء

وله سجايا توجته مهابة
في وصفها يتحير الأدباء

مَلكٌ به المُلك ازدهى في عِزه
لم يستطع تصويره الشعراء

والمُلك يفخرُ إن يصادف أهله
ويدومُ إما ناله الأكْفاء

مَلكٌ قضى عَقدين في حكم الورى
بالعدل لا سوآى ولا غلواء

مَلكٌ لدين الله أرشد قومه
والنورُ عمّ ، وزالتِ الظلماء

ملكٌ له الحِلم الجزيلُ سجية
كم حار في تشخيصه الفصحاء

فتح البلاد فلم تعاينْ فتنة
وأعانه في فتحه النصراء

وأجَلّ آلَ البيت طِيلة عُمره
فهمُ التقاة الصفوة الحُكَماء

أما الخلافُ فأسّهُ وأساسه
طلبُ القِصاص مِن الذين أساؤوا

ما هان (ذو النورين) يُقتلُ غدرة
ويكون عمن أجرموا إغضاء

والحربُ أشعلها الوشاة بكيدهم
لتعم فوضى بعدها الأرزاء

خمسٌ من السنوات جندلتِ الورى
أرواحُ قوم أهدرتْ ودماء

والكل مُجتهدٌ ويرحمُ ربنا
شهداءهم ، يا حبذا الشهداء

فئتان مُؤمنتان رغم خصومةٍ
وجنانُ ربي للجميع جزاء

و(أبو يزيدٍ) ضُخِمتْ زلاتُه
مِن يوم سادتْ فتنة قعساء

للمُلك حوّل في الديار خِلافة
والأمرُ شورى ، ما به آراء

ولى (يزيداً) دون أخذ مَشورةٍ
ما هكذا يُتأمرُ الأمراء

والأمة اتعظتْ ، وأثمرَ درسُها
ولسوف تُخمد فتنة دهياء

والعاصِفات ستنزوي في أرضها
وسترحل الأزماتُ والأنواء

أأبا يزيدٍ لا تُؤاخذني على
هذي الصراحة ، أفلحَ الصرحاء

يا رب سامحْه ونوّرْ قبرَهُ
رب ارض عنه ، وذا إليك رجاء

يا رب واغفرْ كل ذنب أو خطا
مَنْ ذا خلقت وما له أخطاء؟

نرجو اللحاقَ به وإن يكُ فاتنا
إنا به يوم الجزا سُعداء

يلقاك مُجتهداً ، وإنْ يكُ لم يُصِبْ
فهل اجتهادٌ ما عليه جزاء؟

رباهُ فاحشرني وأهلي جُملة
معهُ وأحبابي ونِعمَ دعاء

© 2024 - موقع الشعر