ليس للتوبة ميعاد - أحمد علي سليمان

هالَ التائبَ هولُ المنظرْ
والأمواجُ تسلي المُبحرْ

وعُبابُ الماء يُسامرُه
والزبَدُ يناوي ويُحَذر

ويُجيب المضطرَ المولى
إذ أضحى - بالدمعة - يجأر

أرسلها دعوة مَسجون
منه الدمعُ غدا يتحدّر

يبكي أوزاراً قارفها
تعسَ الوِزرُ ، وخابَ المنكر

زيّن هذا الباطلَ ، صَحبٌ
بئس الصحبُ ، وبئس المعشر

لم يتبعوا الحق سبيلاً
يرشدُ محتاراً يستبصر

لكنْ - في شِقوتهم - سقطوا
والشهوات إليها المَعبر

والإمّعة اتبعَ رضيّاً
وبهزل الخلان تأثر

إنْ شربوا الخمرة باركهم
واستلمَ القدحَ لكي يَسكر

وإذا ما انطلقوا لقمار
شاركهم في لِعْب المَيسر

وإذا ما تبعوا ساقطة
غازلها باللفظ ، وأكثر

وإذا ما التمسوا معصية
شارك فيها ، لم يتأخر

وإذا عاث الصحبُ فساداً
عن ساعد باطله شمّر

حتى كان الحادث هذا
سأل الله الصفحَ ، وكبّر

وتذكّر سنواتٍ مرّتْ
خلف سراب العمر الأغبر

ورأى الموت يروحُ ، ويغدو
وله نابٌ عنه يُكَشر

والسيارة تمضي قدُماً
للقاع ، ويطويها المنظر

في أعماق الماء تهاوت
وكأنْ لم تكُ شيئاً يُذكر

والمولى أنقذ سائقها
لمّا قال: أتوبُ وأُقصِر

قد تأتي توبة إنسان
مِن حيث الغافلُ لا يشعر

ما للتوبة مِن مِيعادٍ
واللهُ يدبّرُ ، ويُقدّر

فلنحسنْ دوماً ، ولنخلصْ
ولنتأملْ ، ولنتفكر

© 2024 - موقع الشعر