لو ولد النبي في أرواحكم! (الخوري) - أحمد علي سليمان

أيها الخوريّ ذكّرْ أمما
بددتْ - بين البرايا - القيما

أصبحتْ في كل سوءٍ مَثلاً
وارتقتْ في كل هزل سُلما

فرّطتْ في الدين ، حتى والحمى
واستعارتْ للقطيع النُظما

ومضت - في التيه - تسعى وحدها
واستباحتْ - في الحياة - الحُرُما

وادّعتْ في الناس حب المصطفى
وأجادت - بالمديح - الرّنما

لم تحَكّم - في هُداهُ - شرعة
إنما - في البغي - فاقت إرَما

وكذا كم حاربت أتباعَه
حربَ مَن يهوى الفنا والجُرُما

ثم مِن إفلاسها بين الورى
ألصقتْ بالصالحين التهَما

روّجتْ للسوء في أرحابها
مثلما الضُلالُ شادوا الصنما

وأقامتْ مولداً للمصطفى
تخدعُ الحمقى به والأمما

كي يقول البُلهُ: ها قد أخلصتْ
وقوَاها في المضا لن تهزما

وإذا المولدُ في طيّاته
بدعٌ تهدي الأنامَ القصُما

والمجاذيبُ لهم فيه الصدى
وحُماة الزيف باتوا الخدما

تركَبُ الأهواءُ فيه حِسبة
وعقولُ القوم أمست رُجُما

وإذا المداحُ يزهو صوته
يُترعُ الألبابَ هذي ظُلما

ومع المدّاح زمّار الفنا
يُطربُ المستهزئين الغنما

ومع المزمار طبّالٌ علا
في دجى الأرجاس يُردي الهمَما

وسطوح الدور ناءتْ بالورى
لا ترى - بين البرايا - قدما

حرصوا ، لو كان حقاً ما أتوْا
إن - في الآذان عنهُ - صَمما

لو - إلى السنة - نودوا ما أتوا
إن - في الأرواح - هذي سخما

سُنة المختار منهم برئتْ
إنهم - بالعَمد - دكّوا الدّعما

رتعوا في التيه ، واجتثوا الهُدى
بددوا التقوى ، وشجّوا الشيما

حكّموا القانون في أعراضهم
فاستحقوا أن يذوقوا النقما

أيها الخوريّ هَديُ المصطفى
لم يعُد - في الدار هذي - الحَكَما

إنما القانون فيها رافعٌ
رأسَه السوداء ، أمسى علما

خففِ اللوم ، كفانا ما بنا
إن - في الأكباد منهُ - سأما

شِعرك الحاني يناغي دمعنا
في مقال كِلتَ فيه الحُمَما

خمّش الشعرُ جراحاً ، ورؤىً
بات نير الذل فينا عمما

فارحم الأمة هذي علها
تجعل التوب - لها - مُختتما

إنها - للتيه - باعت نفسها
ثم راحت بعدُ تشكو الألما

عِزها ولى ، فلم تحزن له
وعُرىً كانت تُناغي النجما

أخرجتْ - للكون - جيلاً لا يعي
همّه - في الناس - أن ينهزما

بعدما قد كان يوماً في الذرى
بدّد العهد ، وخان الذمما

أيها الخوري ، هذي في الورا
تشرب الجهل ، وتُقري العدما

وعلى الملهاة ماتت ريحُها
لم تراع المصطفى والرحما

لم يَخفها - في الدنا - مَن فجروا
وعلى الدنيا تذرّ الندما

رب أدركها ، وأصلح شأنها
كاد أمر الحق أن يُلتهما

أمة لولا الهوى ما غلبتْ
طهرتْ أرضاً ، وناساً ، ودِما

توج المجد رُباً أرحابها
جَرعت كسرى وروما العلقما

قد تناست قادة سادوا الورى؟
وعِداها ما نسُوا المُعتصما

أيها الخوري هذه صحوة
أوشك العُدوان أن ينحطما

كثرة الكبتِ ستغدو كبة
من سعير النار تُزجي الضرما

وجراحُ الحق يمحوها المضا
كاد جرحُ الهَدي أن يلتئما

ونصيرُ الحق ربٌ قاهرٌ
فارددِ اللهم فينا الأظلما

مَن سوى الجبار يُخزي من طغى؟
رَبّ أهلكْ - في الديار - المُجرما

© 2024 - موقع الشعر