لو كان له رجال! (الحاجب المنصور) - أحمد علي سليمان

غرِّدْ بصِيتك - في الآفاق - في شَمَمِ
يا من جَمعت خِلال الفضل عن رَغمِ

وذاعَ صِيتُك في الأصقاع يُتحفها
حتى غدوت بها ناراً على علم

وأشرقت شمسُك الغراءُ في ملأ
رشيدُهم أنت محميٌ بمعتصم

لم تألُ جهداً ، ولم تُخِفك خندمة
كلا ، ولما تخفْ مِن هيبة الحُكُم

يا أيها الحاجبُ المنصورُ مَعذرة
إن زلّ في وصف ما أتيته قلمي

وصفتُ عاطفتي شعراً أتيه به
لأنه عن همام بالغ العِظم

خاض المعارك باسم الله منتصراً
ولم يفر إذا بأسُ الوطيس حمي

ناولت جُندك أسيافاً ومَجْلدة
وقلت: مَن يخفِ الأعداءَ ينهزم

أوليتهم شرفَ الجهاد ، فانطلقوا
نحو الكتائب في عِز وفي شمم

فجاهدوا وأديمُ الأرض يغبطهم
فأحرزوا نصرَهم في كل مُصطدم

وطاردوا الشرك في بدو وحاضرة
حتى تعم الورى شريعة السلم

حتى يعيش الورى في خير مَعدلةٍ
ومَن يُحَكمْ كتابَ الله يَستقم

حتى تُرى السنة العصماء ظاهرة
ويَقتدي أهلها بالمصطفى الهشِم

يا أيها (الحاجبُ المختار) تذكرتي
بما صنعت تشي بعاطر السِيَم

ليَ الفخارُ إذا سردتُ سِيرتكم
بشعر مفتخر بالصدق متسم

فليس فيه من العزيف خردلة
أكرمْ بشعر دقيق الوزن محترم

وكنتُ سجّلتُ نذراً في مقدمتي
عن التقي النقي الفارس العلم

أجلّ قدرك لي فراسة ورؤىً
إجلالَ مندهش بسيرة الحَشِم

وأمة السِلم للتاريخ كم ولدتْ
مِن الأماجد مِن كهل ومُحتلم

نعم الرجالُ على أيديهمُ ظهرتْ
شريعة الله في عُرب وفي عَجم

كم غلبوا السِلم إن أعداؤهم جنحوا
إليه دون أذىً ، ودون سفك دم

وما استبدوا بآراءٍ ولا فرضوا
على الأنام أباطيلاً من النظم

يا أيها (الحاجب المختار) أندلسٌ
تُطريك فذاً حمى منظومة القيم

وتذكر العهدَ والميثاقَ من زمن
وما عُرفت به من طيب الحكم

وإن (قشتالة) لها مدائحُها
والنص ليس على القاري بمنعجم

وإن (أنتيسة) بجهدكم شهدت
شهادة بقيتْ في سائر الأمم

وللغنائم فحواها ورونقها
ومَن يخض حربَه في الله يغتنم

وقد أعدت دياراً طالما غصبتْ
ولم يسرْ مسلمٌ فيها على قدم

فمن عُقودٍ وأهل الصلب قد غصبوا
تلك الديار بفتوى خائني الذمم

حتى أتيت بأمر الله تنقذها
من بعد أن قهرتْ في المرتع الوخم

ولم تُسالم إذ الأعداء ما جنحوا
للسلم ، بل بالغوا في الحرب والقحم

فليس يُجدي سوى سيفٍ يؤدبُهم
هو الدواءُ لمن يطغى على الحُرُم

يا أيها (الحاجبُ المنصورُ) كنت لدي
واني سراج هُدىً في حالك الظلم

وكنت نبراس حق أستضيء به
إن عرقلت همتي دياجر الغسم

وكنت في صفحة الديوان سيف هدى
يُعيدُ ما غصبتْه كف مجترم

قصيدتي اليوم تُطريكم وتكْبركم
على (البسيط) أتتْ رطيبة النغم

عليك يا(حاجبي المنصور) مغفرة
من المليك وآلافٌ من الرُحُم

للهم فاغفرْ له الذنوبَ أجمعَها
واغفرْ له ما أتى من سائر اللمم

وقد جعلتُ ثنائي والدعاء له
ورحمة الله والغفران مختتمي

© 2024 - موقع الشعر