لك الله يا أم شريك! - أحمد علي سليمان

أذهبتِ ما في النفس من أشجانِ
وغمرتِني بحلاوة الإيمانِ

وملأت قلبي بالثبات ، وبالمُنى
حتى يذوق طلاوة الإحسان

وجعلتِني أشدو بعِزة شِرعتي
وأتيه بالإسلام ، والقرآن

وأعطر الأسماعَ بالخبر الذي
هو - عندنا - أزكي من الريحان

وأسَطر الأشعار فيكِ مفاخراً
وأضمِّخ الأشعار بالتبيان

فالشعر - يا أم الشريك - بضاعتي
أبياتُه كسبائك العِقيان

أطريكِ حُباً واحتراماً ، علّني
أزجي قليل الفضل والعِرفان

وأردّ بعض الحق ، حتى تعلمي
صدق المحبة في سنا البرهان

وأعَظم التوحيد ، قد أظهرته
وبرغم أنف الشرك والكفران

وأجِلّ قدْركِ يا (غزيّة) ، إنني
دوماً أجِلّ عوابدَ الرحمن

وأصدِّر الذكرى بعذب حكايةٍ
عن ربة الإشهار للفرقان

وأشرّف الشعر الأصيل بسيرةٍ
لوليةٍ تبعتُ هُدى العدنان

وأبَصر الدنيا بقيمة ديننا
وهزال قيمة نِحلة الأوثان

أم الشريك رزقتِ جنة ربنا
ووُقيتِ – بالتقوى - من النيران

فلقد تبعتِ الحق دون ترددٍ
حتى بلا شُورى ، ولا استئذان

آمنتِ بالله العظيم بمكةٍ
والفضلُ - كل الفضل - للديّان

أسلمتِ ، ما هذا بأمر هيِّن
لم تعبئي بمكائد العُدوان

لمَّا تخفك - مِن العُتاة - قيودهم
حتى وإن كُبّلت بالأرسان

ودعوتِ للحق الأنام بحِكمةٍ
وبهِمةٍ ، وتجرّدٍ ، وتفان

ونساءُ مكة قد شهدْن ، وأهلها
بالدعوة الشهباء ذات الشان

والأمرُ بادٍ للعيان بلا مِرا
مِن دعوة العصماء للنسوان

لم تتخذ لغة التدسّس منهجاً
إن التدسّسَ سَمْتُ كل جبان

بل صارحت مَن تقتفي مِنهاجها
وتفرّدتْ بالجهر ، والإعلان

ونأى عن الفضلى التزلفُ للنسا
إن التزلف مؤْذنٌ بهوان

تدعو ، ويكلأها الخبيرُ بعينه
ويُعيذها من نزغة الشيطان

تدعو ، ويعصمُها الحكيم عن الهوى
قطعاً ، ويحجبُها عن الخوَران

حتى إذا ما أينعت زهراتها
بدأ البلاء بهوله الفتان

لتنال من رب السماء رضاءه
وتبوء بالحسنات والغفران

كم عذبتْ لتعود للدين الذي
هو جسر قوم للحميم الآني

حُملتْ على جمل بطيءٍ مثقل
من قسوة الصحراء كان يعاني

عزلوا - عن الجمل المثقّل - هودجاً
يحمي النساء بظِله الفينان

حتى يُذيب الصهدُ جسماً حاطه
ببشاعةٍ ، فيُصاب بالغثيان

وتحرِّق الشمس الظعينة ، لم تكنْ
تحتاط منها حِيطة الشهبان

والخبزَ قد أكلتْ مع العسل الذي
ما البطنُ يأكله سوى ظمآن

وتعمدوا تعطيشها لتجيبهم
لمُرادهم ، فتبوء بالخسران

لكنها اعتصمت بخالقها الذي
قد جاءها بالماء بعد ثوان

بالدلو فيه الماءُ يُشبع نهمة
كيلا يكون البطنُ بالعطشان

حتى إذا شربتْ تباعد دلوها
بين السما والأرض بعد أوان

فتلفتتْ مِن حولها مُلتاعة
يا رب ضَمّ الدلوَ أيُّ مكان؟

فإذا به يأتي إليها مسرعاً
لتُريق ما تهوى على الجثمان

إن العُتاة تعجّبوا مِن مائها
قالت: مِن المتكبر المنان

وأمام صبركِ واصطباركِ آمنوا
واستُبدِلتْ منظومة الشنآن

أمَ الشريك عليك رحمة ربنا
وعليك كلُ سحائب الرضوان

بكِ إنني فاخرتُ أهل زماننا
ونفحتُ كل قصائد الديوان

فلكِ التحية من فؤادٍ شاعر
ما قد تعاقبَ في السما القمَران

© 2024 - موقع الشعر