في وداع الخِرّيجين! (المدرسة الوطنية - عجمان) - أحمد علي سليمان

كم يَسترقّ ضنى التوديع مَجبورا
يئن – مِن ألم الرحيل - مَوْتورا

وتستجيشُ دموعُ العين همته
فيغلبُ الوجدُ - في التوّ - الأساريرا

وللفراق عذاباتٌ ومَلهبة
تُشجي فؤاداً - لفرط البَيْن - مقهورا

وكم بَصُرتُ بمن غابت أحبتُه
يأسى ، وخاطِرُه ما انفكّ مكسورا

وسُنة الله لقيا ، ثم تفرقة
واللهُ أجرى بهذين المقاديرا

أبناؤنا اليومَ خِريجون نحسَبُهم
تسنموا العز - بين الناس - موفورا

وناولونا مِن الفخار مرتبة
بها يوقرنا الآنامُ توقيرا

وشرّفوا قومَهم شرافة عظمتْ
وأكرموا الصحبَ والأصقاعَ والدُورا

هذي البداية ، والإكمالُ مَوعدُنا
والسعيُ أضحى - ببذل الجهد - مشكورا

وكل مجتهدٍ يسعى النجاحُ له
حتى يَبيت - بنيل الفوز - مَشهورا

كانوا عباقرة في خير مدرسةٍ
وأمرُهم بينهم تَزينه الشورى

والجَرف هشّتْ لهم حتى تكافئهم
على التفوّق يستهوي الجماهيرا

وتلك (عجمانُ) في أبهى حفاوتِها
تزفّ بهجتها والفألَ والنورا

في حفلةٍ شمختْ بالتيه بهجتها
فيها نكرّم أفذاذاً مَغاويرا

وللتفاؤل - في القلوب - رونقه
والشعرُ أمسى بهذا الحفل مَحبورا

طلابَنا الغُرّ أوصيكم ، وأنصحكم
أن تستمرّوا ، ولا تُبْدوا المعاذيرا

دَعُوا الأمانيَّ ، واعتزّوا بمنهجكم
ولا يكنْ همّكم في اللعْب محصورا

إنا لكم فرَط ، وأنتمُ تبعٌ
ها نحن نوسِعُكم نصحاً وتبصيرا

إنا لنغبطكم على تفوّقكم
وكم نعطرُ ما نزْجيه تعطيرا

نريدُكم صفوة بالعِلم رائدة
فالعلمُ يجعلكم صِيداً نحاريرا

تذكّروا (اقرأ) تلقاها مُحمدُنا
في الغار تصدحُ ، واستقرُوا التفاسيرا

وآخر الآي تقوى الله ، فاعتبروا
إني أذكِّركم بالآي تذكيرا

وبين علم وتقوى الدينُ أنشأكم
وكان ذلك - في القرآن - مسطورا

والأمة اليوم تسترْجي هدايتكم
فترجموا الوحيَ تطبيقاً وتنويرا

عليكمُ عُقدتْ آمالُ أمّتكم
فحققوا أملاً - في الغيب - مستورا

طلابَنا سامحوا مُعلماً بدرتْ
منه الإساءة إما كان معذورا

والأمرُ أوضحُ من نار على عَلم
فشَمّروا - لقبول العذر - تشميرا

كلُ ابن آدمَ خطاءٌ ، وغفلته
أنْ لا يُقدّر - للأخطاء - تقديرا

والعفوُ أولى بكم ، وتلك مَنقبة
فكيف تهْمَلُ إبطاءً وتأخيرا؟

كما غفرنا اغفروا ، فنحن قدوتكم
ما أهون الذنبَ إما كان مغفورا

إني أهيبُ بكم ، فإن بعضكمُ
لنا أساء ، فكان الأمرُ تيسييرا

يا ليت شِعري إذا كنتم منارتنا
وقد حملتم لهاويها الأزاهيرا

أو ليت شعري إذا سُقتم تفاؤلكم
لكل مبتئس يسلو التباشيرا

أو ليت شعري إذا ذِعتم فضائلكم
ولم يكن جمعُكم - في الخلق - شِرّيرا

هي المبادئُ تعلي شأنَ صاحبها
فلتعمروا الأرضَ - بالأخلاق - تعميرا

لا ترفعوا راية تُزري بصحوتكم
إن النفاق يزيدُ الأمرَ تخسيرا

وحقنا عندكم - في الأسر - منجدلٌ
فحرّرُوه - من الأصفاد - تحريرا

ولا يُحرَّر إلا حين نلمسُه
مُطبقاً حائزاً حباً وتقديرا

واللهِ ما استويا قومٌ إذا اعتدلوا
وآخرون بجهل غلبوا الزورا

شتانَ بين أناس بالهُدى اشتغلوا
وغلبوا أثراً يُروَى ومأثورا

وآخرين عَمُوا عن درب مَن رَشدوا
لا يَعذر الناسُ في ذا العُمْيَ والعُورا

طلابنا أخلصوا - للهِ - دينكمُ
وعَزرُوا اللهَ يا أبناءُ تعزيرا

هزوا إليكم بجذع الخير يُدركُكُم
وبعدها تُصبحُ المأوى لكم دُورا

وتأكلون مِن الثمار أطيبَها
وتشربون مِزاجاً كان كافورا

عينٌ بجنة عَدْن للألى سعِدوا
يُفجّرُ القومُ هذي العينَ تفجيرا

وبالكؤوس سعى الوِلدانُ مُترعة
مِن فضةٍ ، بعضها كانت قواريرا

إذا رأيتهمُ في حُسن هيئتهم
حسبتهم لؤلؤاً في الساح منثورا

والحُورُ ترتصد الأزواجَ عن رغب
مَن مِن بنات الدنا تُضاهئُ الحُورا؟

طلابنا حاذروا مِن صحبةٍ هزلتْ
منها أحذر – وايمُ الله – تحذيرا

كنتم لدينا شباباً ديِّناً دمِثاً
على الحماقات والزلات منصورا

فقاطعوا الهزلَ في سِر وفي عَلن
كيلا يُدمّرُ ما شِدناه تدميرا

وأتحفونا بصيتٍ طيب حسن
بين التلاميذ سُوقوا الجدّ منظورا

كيلا تضيع جهودُ الناصحين سُدىً
أرجوكمُ اجتنبوا هذي المَحاذيرا

نحن اجتهدنا ، فإن زلت مقاصدُنا
فلا تزيدوا جوى التقصير تقصيرا

وليس يُنكر فضل الناس ذو قيم
وبعضنا طوَّر التعليم تطويرا

فخصكم بمَعين ليس يبلغه
سواه مهما استمى بذلاً وتدبيرا

جُدْنا بكل الذي اسطعناه مَكرمة
ولم يكن دأبُنا شُحّاً وتقتيرا

غداً تكونون عُزلاً في مواقعنا
هي الحقائقُ تجتاحُ الأساطيرا

فأشهدوا الله أنْ لا تهزلوا أبداً
إني أبشّر أهلَ الجدّ تبشيرا

بُشراكُمُ اليومَ تخريجٌ يُحيّرنا
بين الأحاسيس - رغم الأنف - تحييرا

نتِيهُ فخراً بكم ، والبِشرُ يَغمرُنا
وكم يؤثر فينا البُعدُ تأثيرا

تودّعون بلا إذن أساتذة
كم سطروا فيكمُ الأمداحَ تسطيرا

لكِنْ نريدُ لكم مستقبلاً غرداً
يفوقُ تغريدُه العذبُ العصافيرا

ندعو الإلهَ لكم بأن يبارككم
وأن يصبّرنا - في البين - تصبيرا

وأن يوفقكم لخير أمّتكم
وأن يطهّركم - بالذكر - تطهيرا

مُدّوا - إلى الخالق الرحمن – أيديكم
فالله خيرٌ لكم حِفظاً وتدبيرا

© 2024 - موقع الشعر