لا يسألون الناس إلحافاً - أحمد علي سليمان

هو الشهمُ يُدرك حال الفقيرْ
ويُنجده دون أن يستجيرْ

ويعطف ليس له غاية
من العطف إلا اكتساب الأجور

ويبذل معروفه واثقاً
من الفوز بالربح يوم النشور

ويسخو على الناس مستبشراً
بعُقبى القبول وصقل الضمير

وينفق أمواله مُوقناً
بإخلاف رب كريم شكور

ويُعطي عطاء السخي الذي
له قدوةٌ في البشير النذير

ويُكرم من جاءه سائلاً
ويخشى من الحال أن يستدير

فيُمسي فقيراً له حاجة
إلى جعظريٍّ بخيل حقير

يُسيم المعوزين سوء الأذى
ويجرح بالشح أنقى شعور

يَمنّ عليهم ، ولم يعطهم
ألا إن هذا لجوْر كبير

لقد غربل الفقر أصحابه
وواعدهم بالشقا والثبور

وعضّ بأنيابه عزّهم
وأسكن بعض الأنام القبور

وجرّعَ بعض الورى سُمَّه
وكان - له في الجلاد - الظهور

وألقى بهم في أتون البلا
وكلُّ - على ما يعاني - صبور

ولم أرَ مثل الفقير الذي
يقول: أنا اليوم لست الفقير

ورغم البلاء ، ورغم العنا
أراني بحب الحياة الجدير

سأضرب في الأرض مستغنياً
عن الأغنياء وأهل الدثور

وعارٌ عليّ سؤالُ الورى
وترك سؤال الحكيم الخبير

إذا خص عبداً بفقر فذاً
لحكمةٍ رب عليم بصير

وعهداً سأصبر مهما جرى
وأحيا أُمجّد هذا المصير

وقاني المليك بلاء الغِنى
ومِلك الدنانير كيلا أحور

ألا إنني اليوم خيرٌ صُوىً
وبالي من الشغل بالٌ قرير

وقلبي سعيدٌ وراض بما
قضى الله ربي الرحيم الغفور

ولا يُسأل الله عما قضى
تعالى الإله العلي القدير

رضيت ، وربي شهيدٌ على
كلامي الذي صُغته في سطور

فيا رب فرّجْ ، ووسّعْ وجُدْ
وإمّا ابتليتُ فمن ذا يُجير؟

© 2024 - موقع الشعر