لا أعرف يا بني - أحمد علي سليمان

راحلٌ ، والنفس فاضت أدمعا
والفؤاد الغض أمسى مُوجعا

وعذاب الروح أعتى والأسى
وبكاءُ الدمع غشى المَدمعا

راحلٌ ، والموتُ حقٌ والفنا
ومصابُ الموت كال الأصوُعا

كاد باعُ الصبر يُدمي عزمتي
وغموم الصمت تكوي الأضلعا

قالت الحال ، اصبري لا تجزعي
أوشكت شمس الصبا أن تطلعا

لست أدري يا صغيري ، فاعفني
من جواب يستجيش الأدمعا

رحل الراعي ، فبتنا عالة
ورياضُ العيش أمست بلقعا

وعبيرُ البدر ولى ، يا فتى
ونسيم الملتقى لن يرجعا

وضياء الكون في النعش خبا
كفن الأحلام بات الموضعا

فوق متن الريح بتنا كلأ
كل حلم بات جمراً مفزعا

راحلٌ ، والكون - في النعش - خبا
أتظن المال هذا مرتعا

لا تحرك فيّ أهداب الشقا
أسدل الأوهام كيلا تجزعا

لا تسائلني ، لأني أكتوي
بسؤالاتٍ تؤَذي المسمعا

لا تلمني في انفعالي ، إنني
صرتُ قوتاً للمنايا أجمعا

راحلٌ ، قد كان يحيا بيننا
طالما أثرى سراجاً مُبدعا

طالما ضم الصغير أنسه
طالما أعطى يقيناً مُشبعا

تذكر الأيام يا شبلي هنا؟
أم طواك الخطب صرت المَطمعا؟

أنت شبلٌ - في سما العليا - استمى
لا تكن - في الكرب هذا - ضفدعا

عطر القلب بصبر نابض
وعسى حب الهُدى أن يشفعا

عينُ فابكِ الزوجَ هذا أكثري
كان ضِرغاماً يفوق الأسبُعا

صدقي قلبي ، لقد كان المضا
ولكل الجود كان المنبعا

بات - في الذكرى - نسيماً عابراً
من مرور البرق أضحى أسرعا

أنتمُ الآمالُ والذكرى معاً
لا تكونوا - في التحدي - أضبُعا

أنتمُ الريحانُ يُزكِي جؤنتي
عطروا الدار ، وزفوا الموقعا

كيف لا أسعى ، وأنتم خطوتي
ولكم أدعو ، وأبكي في الدعا

عطروا الأجواء - هذي - بالهنا
وعن الإقدام شجّوا البرقعا

واحمدوا المولى على إسلامكم
نحن - بالإسلام - صرنا أرفعا

© 2024 - موقع الشعر