كالراعي يرعى حول الحِمى - أحمد علي سليمان

يا صاح أنت بدين الله ترتزقُ
إلى حضيض الهوى والزور تنزلقُ

تمُد كفاً إلى الحرام مُغتبطاً
وللكبائر والفحشاء تستبق

وصِرتَ فعلاً أسيرَ الحُسن تعشقه
وعشت تأتي الذي يأتيه من عشقوا

فقلتُ: هذا الذي أردتْه شهوتُه
وبات يُحْسَب في صفّ الألى سبقوا

وسربلتْ قسمَات الغِيد همّته
فبات - في نار ما أبدين - يحترق

لم يأخذ الحِذر من غِيدٍ مكرْن به
وكم يُعذب قلبَ العاشق الشبق

أسرنه بشعور أسدلتْ طعماً
في سَلب مَن بكلام الله يرتزق

وبالعيون سبتْ فؤاد ناظرها
حتى قلاه الحَيا ، واغتاله النزق

وبالخدود بدتْ في أوج زينتها
أما الضحية فالألبابُ والحِدَق

وبالخضوع بأقوال مرنمةٍ
يسوقها منطقٌ مستعذبٌ لبق

وبالعطور إذا فاحت مرشّحة
من كل نوع به للمشتهي عبق

وبالرّضاب حلا طعماً لذائقه
وبالشفاه عليها (الروج) منطبق

وبالأساور في الأيدي لها لمعٌ
كالشمس إذ يحتفي - بنورها - الأفق

وبالخِضاب على الكفوف نقشتها
مِن الزخارف والتزيين تأتلق

وبالفساتين حلاها مُصمّمها
لأنه فطنٌ - في رسْمها - حذق

وفتنة بلظى الإغراء حين غوى
وبات يكويه مما ناله الأرق

وظل يرقِي ، وللرّقيا مآربها
وغالط الحق لمّا شفه الخرق

وضاق ذرعاً بمن أضحى يُناصحُه
ولم يعد أدبٌ يُجدي ولا خلق

وللمواعيد فحواها ورونقها
وكل حمقى بموعودٍ لها تثق

فداءُ هذي صداعٌ لا يُفارقها
والرأسُ يشهدُ ، والأطرافُ والعنق

وداءُ تلك كوابيسٌ تُصفدها
حتى تكاد - من الأصفاد - تختنق

وداءُ هاتيك أحلامٌ تُهدّدها
بالبحر يسكنُ في قيعانه الغرِق

وداءُ رابعةٍ نفسٌ مُفتنة
وداءُ خامسةٍ قلبٌ به حنق

وداءُ سادسةٍ عقلٌ يفيضُ أذىً
كأنه السيفُ - في الهيجاء - يُمتشق

وداءُ سابعةٍ لسانُ حاسدة
وكم يضرّ لسانٌ حاقدٌ ذلِق

وداءُ ثامنةٍ زوجٌ له زمَرٌ
من الصحاب عن الإسلام قد فسقوا

وداءُ تاسعةٍ روحٌ مُشتتة
بين المناكر تغشاها وتعتنق

وداءُ عاشرةٍ أبناء ما تبعوا
هدْيَ النبي ، فهم حُثالة عُقق

لذا عمدن إلى الراقي على عجل
لعله - لانفراج الكرب - ينطلق

فبتن عِبئاً - على الراقي - ورقيته
واحلولك الحالُ لمّا انسدتِ الطرق

وحاك إبليس محتالاً مؤامرة
راحت ضحيّتها الموائسُ الحمق

وللإمام الخطيب اليوم غرغرة
بما جناه ، ولم يُصبح له رمق

إذ حام حول الحمى مستبشراً فرحاً
فواقعَ الغيدَ لما أزه الشمق

نعوذ بالله من خسران آخرةٍ
شأن العُصاة الألى للباطل انطلقوا

© 2024 - موقع الشعر