قصرٌ ثم قبرٌ ثم حشرٌ ثم نشر - أحمد علي سليمان

وقصرٌ كطيف الحُلم سام عريقِ
مَشيدِ منيفٍ عن يمين الطريقِ

له صنمٌ فوق الجدار تسامى
وأسواره دَفتْ وراء البريق

وبوابة فيها الزخارف شتى
وأشجاره لفتْ بنجم وريق

يَحار الفؤادُ المستنيرُ كثيراً
يقول: وهل تحلو الحياة بضيق؟

فقلتُ: هنيئاً للكُسالى حياة
قراها تدنت في ضلال عميق

تموت البرايا في التردي خزايا
وجيل تهاوى هكذا كالغريق

تخبّط بين الناس عمداً ، وأغفى
وأعرض عن هدْي وعهدٍ وثيق

ألا إنما القبرُ المُريعُ مُعدٌ
وموتُ البرايا قد جرى في العروق

وحشرٌ ونشرٌ ، والقيامة تأتي
تُرى هل يفيدُ القصرُ أيَ فريق؟

فماذا تزوّدتم؟ أجيبوا علينا
أليس - لشمس المنتهى - من شروق؟

ألا إنما القصرُ المنيفُ سرابٌ
ولا يشتهيهَ غيرُ غِر صَفيق

وعما قريب سوف يمضي هشيماً
ويمضي وشيكاً كل عِز عتيق

ويقطعُ سيفُ الموت آجالَ قوم
تمادَوْا طويلاً في النعيم الرقيق

وقد أمعنوا في التيه يبغون حلاً
وكم ضيّع الإنسانَ غيُّ صديق

ألا فاسْتفيقوا ، وانهضوا ، واستجيبوا
وجدّوا لقبر ، ثم حشر حقيق

© 2024 - موقع الشعر