فلما نجّاهم إلى البر! (وعظ المعلمات) - أحمد علي سليمان

يا عينُ فابكِ على العوابد العُصُمِ
مَرَقن من ربقة الرشاد والقِيَمِ

كيف انبطحن لأهواءٍ ومهزلةٍ؟
كيف استجبن لداعي الطيش والجُرُم؟

كيف افترضن الهُدى في ساح من فسقوا
كيف انحدرن إلى الحضيض عن رغم؟

وكيف جاهرن بالعِصيان دون حيا؟
ومَن يجاهر بما جاهرن ينهزم

بالأمس كان البكا بالدمع منهمراً
وبالقلوب جوىً من شدة الألم

بالأمس كان الدعا ، والدمعُ يصحبه
وبالنفوس أراجيفٌ من السدم

بالأمس كان انكسارٌ لا يُضارعُه
أي انكسار ، فيا للبؤس والوصم

بالأمس كانت عِباءاتٌ وأخمِرة
أكرمْ بثوب سميكِ النسج محتشم

بالأمس كانت سيوف الجد مشهرة
والاجتهادُ يقوي عزمة النهم

واليوم بتنا نرى مِن النسا عجباً
وكم عجائبَ تأتينا من العُصُم

هذي الزغاريدُ تُخزي مَن صدحن بها
وتستثيرُ شعور الصب عن رغم

ويحَ الأغاني انتشتْ في ساح مدرسةٍ
لا بارك اللهُ في الغِنا ولا الرنم

وللنساء بما أحدثنه طربٌ
فهل أخِذن بوقع اللحن والنغم؟

وبعضُهن أجدن الرقصَ في ولهٍ
بلا حياءٍ مِن المُهيمن الحكم

فقلتُ: كلا ، وتُبن الآن في وجل
وصُن عهدي بكنّ أو عشمي

علمتُكُن تفضلن الرشادَ هُدىً
ومَن تحب الهُدى تتبْ وتستقم

فكم بحثتن في آفاق مسألةٍ
وكم سألتُن عن حِل وعن حُرُم

وكم أطلتن في الجدال تبصرة
لكي تحُزن جواباً غيرَ مُنبهم

وكم قرأتُن تنشدن الصوابَ صُوىً
ومن تُطالعْ بنور العلم تتسم

لذا أعاتبُ مُحتجاً ومُعترضاً
على المعاصي تقودُ الناس للنقم

أهجو الفسوق ، ولي حقٌ ، وبي ألمٌ
والهَجْوُ بالحق أسمى غاية الشيَم

وأنقدُ الوضعَ قلبي بات ينكره
والنقدُ بالحق يجري في وريد دمي

ألومُكن ، أخاف النارَ يومَ غدٍ
لو لم أشاهد فسوقكن لم ألم

أهكذا يُشكرُ المولى علانية
بالطبل والزمر؟ يا للمأزق العمم

وما الحجاب إذا ما الرقصُ داعبه؟
ومَن تصنْ سِترَها في الناس تُحترم؟

وما ادعاءُ سجايا لا وجود لها
شتان بين وجود الشيء والعدم؟

وما التظاهر بالأخلاق زاحمها
قيحُ السفول البغيض المقرف الوخِم؟

حتى وقفتُ خطيباً بينكن ضُحىً
أبيّنُ الحق وفق المنهج اللقم

فقلتُ: هذا حرامٌ يا عقائلنا
ولا يوافقُ نصاً جاء في السلم

فإذ بكُنّ تزدنَ الأمرَ توسعة
لمّا رمَيْتُن نورَ الوحي بالظلم

أواهُ كمْ تأسرُ المفتونَ زلته
وكم تُذِل المعاصي فاقِدي الهمم

© 2024 - موقع الشعر