غيض من فيض - أحمد علي سليمان

حبيسٌ في دجى الأرضْ
يُعاني القهرَ والخفضْ

يصب الحزن في الكأسْ
ويبكي سُخرة العِرض

وينعي غيبة الأهلْ
ويشكو هجمة البعض

ويهجو عيشة الذل
وإنْ بالطول والعَرض

ولم يهدأ له بالْ
ولمّا يطعم الغمض

وراضٍ رغم ما حلْ
ولمّا يعرفِ الرفض

وساج من أسى النفسْ
ولا يقوى على الركض

يذرّ الخيرَ للغيرْ!
وخلقٌ تتقن الدحض

وحربٌ كلها كيدْ
وقومٌ أتقنوا القبض

فراتٌ ذلك القبضْ
وطعمُ الحِل كالحِمض

عجيبٌ ذلك الأمرْ
كأن الكيد كالرفض

وعبدٌ حطم الغُل
ويحيا في دجى الأرض

ظلامٌ كله الجو
ولا تقوى ، ولا وَمض

تتوق النفسُ للخيرْ
وتطغى غصة الغيض

وتبدو لوعة الهجرْ
وشوقٌ للهنا المحض

وتعلو فورة اللومْ
ويحلو للسنا النهض

وقومي في ذرى الصمتْ
ويدنو موكبُ البغض

وعهدٌ كان بالأمس
وأما اليوم فالنقض

وسُوق قام بالأمس
وأما اليوم فالفض

عيونٌ ترقبُ الحق
وأما اليوم فالغض

قلوبٌ تنصر الهدْي
ولا دمعٌ ولا نبض

وشرعٌ يشمل العيش
فلم يشمل سوى الحيض

ودينٌ أصله الصدق
وقد أودى به الخوض

وغيضٌ هالني غيض
وهذا الغيض من فيض

© 2024 - موقع الشعر