عبرة غالية الثمن! (كلية الطب) - أحمد علي سليمان

رأيت حسام الموت يُردي التكبرا
ويُبدي الذي قد كان في النفس مضمرا

تذوب له وجداً مدامعُ خاطري
وللموت وخزٌ يُذهب الأنس والكرى

أخاف المنايا إن أتتني مقصراً
وأشفق أني قد تغشيتُ منكرا

وأخشى مجيئ الموت والقلب غافلٌ
ويدمع قلبي أنني ساكنُ الثرى

ويُظلم قبرٌ ، لم تنورْه طاعتي
وأني الذي لمَّا أحافظ على العُرى

نظرتُ إلى الموتى ، فكانت بلية
تزيل غرور النفس فوراً لمَا ترى

وكان اختباراً ، لم أقارف مثيله
وذي عبرة كانت وعيداً ومنذرا

وأغرى فؤادي ما اعتراني من الهوى
تفرستُ في الموتى ، فلم أدر ما جرى

وما بي على ما قد تجشمتُ قدرة
لأن فؤادي - عن صدى الموت - أدبرا

شغلتُ بدنيا كم تموج بأهلها
فكانت ليَ الدنيا سبيلاً ومحورا

لذا لم أطق مما وجدتُ تحمُّلاً
لأني ضعيفٌ همّة ، بل وجوهرا

فلما رأيتُ الناس حولي تلعثموا
وكان اجتماعاً من سنا الشمس أظهرا

سُئلتُ: لماذا ذلك الأمر، يا فتى؟
وكان سؤالاً مستريباً مُنفرا

فقلت: وهل حكرٌ عليكم علومُكم؟
وهل جثث الموتى تباع وتشترى؟

فقالوا: تعلمْ في حدودٍ تطيقها
فقد تدفع الأثمان موتاً مقدرا

© 2024 - موقع الشعر