طفل أوجز فأعجز! (عن قصة تولستوي) - أحمد علي سليمان

قلّبتُ قولك بكرة وأصيلا
فوجدتُه اتخذ الرشادَ سبيلا

ألقيته لفظاً تناسق جَرْسُه
وأقمتَ - في ثقة - عليه دليلا

وجعلته يغشى الجدالَ غضنفراً
والخصمُ أصبح - في النزال - الفيلا

وسَقيته أرجَ البراءة والذكا
وغدوت - فيما قلته - بُهلولا

ورسمت - للغد - يا موفق صورة
تئدُ الخيال ، وتفرضُ المعقولا

لم يُمْلها أحدٌ عليك نِكاية
لتعيد مثل الببغاء القِيلا

لم تستمعْ يوماً لبعض حروفها
بل خضت - في درب الحقيقة - مِيلا

أعجزتَ إذ أوجزت كلمة راشدٍ
لمَّا يكنْ- في قوله - مخبولا

بوركت مِن طفل يعي كلماته
إذ فاق - في كيل البيان - كهولا

لقنتها درس الحياة مُنقِحاً
ومُكمِلاً نقصانه تكميلاً

ومُزخرفاً ألفاظه وحروفه
ومُجمِلاً نبراته تجميلاً

وأقمت حُجة قائم بوصيةٍ
يده على التنفيذ حقاً طُولى

وجعلت أمك في عسير مواقفٍ
حتى تغيِّر طابعاً ومُيولاً

ولأنت أكثر هيبة وتعففاً
ولأنت أقومُ لهجة ومَقيلاً

تحيا بقلب ليس يحملُ غلظة
كلا ، ولا حقداً ولا تدجيلا

والأم لم تُسمعْك مُرّ عِتابها
بل كافأتْ هذا الجميلَ جميلا

واستدركتْ مِن أمرها ما استدبرتْ
وتبتلتْ لمليكها تبتيلا

واستغفرتْ رب السما مما جنتْ
واللهُ خيرٌ غافراً ووكيلا

وأتت على ما أفسدتْه ، فأصلحتْ
واستحضرتْ ثقلَ العذاب وبيلا

وتأملتْ قول الصبيّ ، وأمعنتْ
فيما ارتآه - مِن العِقاب - طويلا

هو لم يُرد فيما ارتآه عقوبة ً
بل ربنا جعل المقال رسولا

حتى ينبّه مَن عشتْ عن ذكره
كيما تنفّذ ما تراه بديلا

والظلم دَيْنٌ ليس يُترك أهله
واسأل - عن العُقبى - القرونَ الأولى

قد يُمهلون ، وللمهيمنُ أخذة
ولقد يُمتعُ مَن يجُور قليلا

© 2024 - موقع الشعر