ضحايا الإتيكيت! (قتلت طفلها من أجل الإتيكيت) - أحمد علي سليمان

إبليسُ يُكْبرُ ما أتتْ ويُكافي
ويُجلّ ما عملته باستشرافِ

ويباركُ الأفكار قد أوصى بها
بلهاءَ تحيا في دجى الإجحاف

مازال يُوغرُ بالوساوس صدرَها
حتى استجابت للدمار الضافي

قتلتْ غلاماً يافعاً لم يمتثلْ
إتكيت أهلِ الحفلة الأشراف

قتلته ما رحمتْ طفولته التى
تختال في مرح وفي استظراف

ركلته ركلاً لا سبيل لوصفه
بل إنه أعتى من الأوصاف

وعَلته باللكمات تعقبها الدما
لكماتُ ذاتِ حوافر وخِفاف

فتهشمتْ منه العظامُ رقيقة
والصدر دُقّ وعظمة الأكتاف

وكأنه العصفورُ دُق جَناحُه
فاجتُث منه قوادمٌ وخواف

ودماؤه سالت تُبللُ ثوبه
ومِن الدماغ ارفض سيلُ رعاف

وكأنه في بركةٍ دمويةٍ
نزفٌ عليه معالمُ استنزاف

وإذا ترى الكدمات قلتَ: مُصارعٌ
في جولةٍ دولية الأهداف

هل هذه أمٌ تحبُ وحيدَها
وتخصّه بالودّ والإيلاف؟

وتُحيطه بأمومةٍ فياضةٍ
ممزوجةٍ بجمال الاستعطاف

وتراه في البيت الحياة ، وأنسَها
كالرّوضة المُزدانة المِئناف

وإذا أصيب أتته تستبق الخطا
وتفننتْ في الطبّ والإسعاف

أم أنها - صدقاً - عَدُوّة طفلها
وفعالها تلك الدليلُ الوافي

صَرعته إذ لم يحترمْ ذوقَ النسا
روكسانةٍ ، وتفيدةٍ ، وعفاف

وأبوه جاء ، فلم يُطِق ما قد رأى
فرمى بطست الماء ، يا للجافي

حتى يُجَرّع زوجة كأس الردى
فالتفت النيرانُ بالأعطاف

وتحرقتْ - بالنار - كل ثيابها
واستأثرتْ بالريش والأفواف

وطغتْ جراحُ الجسم دون تلطفٍ
من أين تأتي قطرة استلطاف؟

وطفت بُثورٌ شوهتْ حُسناً زها
مثل العروس شدَتْ بيوم زفاف

والطفحُ أودى بالجمال ، وغاله
وشوى المفاتن بالسعير الطافي

ثم استكانت للحِمام ، وأسلمت
روحاً لباريها الإله الكافي

واقتيد للسجن الحليلُ عقوبة
إذ ليس من نقض ولا استئناف

يبكي هنالك - بالدماء - مُصابه
إذ جفّ دمعُ المَدمع الذراف

مستسلماً لمصيره وعِقابه
ليذوقَ عاقبة السلوك الجافي

رب اشفنا مِن شَر أوجاع الورى
ومَن الذي ندعوه غيرُ الشافي؟

© 2024 - موقع الشعر