صيف الأغاريد - أحمد علي سليمان

اليواقيتُ تغشتها الرمالْ
ثم غاص الكون في قيح الخبالْ

والخطوبُ اليومَ تترى ، واللظى
وسَرَتْ في النفس آلامٌ ثِقال

أرقبُ الدنيا ، فلا ألقى بها
غير أشباح يُذرِّيها الخيال

فارق النورُ ، فحلتْ ظلمة
وطغى الإفلاسُ فوق الإبتذال

وعذابُ النفس يكوي طيفها
وبكاءُ الروح يشوي الاحتيال

أشرقتْ شمس الهُدى دهراً مضى
فأبادَ الحق نعْراتِ الضلال

وإذا الدنيا بهاءٌ ، وسنا
وإذا الكون جمالٌ في جمال

وإذا الإنسان خلقٌ آخرٌ
وإذا الضلال ماجوا في الجدال

كيف هذا النور قد جاء الدنا؟
كيف يمضي دونما رُجعى الضلال؟

وإذا الأنذالُ فيهم زلزلوا
وتمادوْا في متاهات السؤال

وإذا الأصنامُ أرداها الهُدى
وإذا الأوثانُ تحبو في الرمال

وإذا الأعرافُ ولتْ ، والهوى
وإذا بالدار ملآى بالرجال

يبذلون النفس في رفع الهُدى
يشترون النصر في أرض القتال

ثم عاش النور أعتى ، حقبة
وعلى الحق اعتدى أهل الشمال

زغرد الناس ، وقالوا: مرحباً
رحبوا بالزيف ، باتوا في دلال

كان صيفاً للأغاريد إذن
وقطيعاً سادراً في الانحدار

ليس يرضى العيش إلا هازلاً
ما له في هذه الدنيا مثال

يرفض الحق ، ويحيا مُعْرضاً
حِرْتُ في هذي البرايا والفعال

إنما الدنيا سراب ، فانتبه
قبل أن تغشاك آمادُ الزوال

دعك ممن أعرضوا ، يا صاحبي
إنهم - للشرك - قد شدّوا الرحال

كم دعوا وَداً ولاتاً والهوى
وارتضوْا رباً سُلوماً أو نوال

وارتضوْا غير المعالي عيشة
ثم ساروا في دُجُنّات المآل

فاعتصمْ بالله ، وابرأ منهمُ
إنما يكفيكَ حُسنى ذي الجلال

© 2024 - موقع الشعر