صومعة عابد - أحمد علي سليمان

صفاءُ العقيدة ما أينعهْ
وحبُّ البطولة ما أمتعهْ

وتقوى المليك تَزيد الفتى
يقيناً ، وتجعله في سَعة

ونفسُ المُوحِّد في راحةٍ
وخاطرُه مفعمٌ بالدعة

وتسمو مشاعره بالتقى
فتحيا لخالقها طيِّعة

وتزكو أحاسيسه بالهُدى
وإن كان يَسكن في صومعة

ويَطرب للحق مستبشراً
وفيه له طاقةٌ مُبدِعَة

وأمسى التفرد سمتاً له
وليس يقلد كالإمعةْ

ويحزن إن نيل إسلامه
ويحيا يجاهد من روَّعه

يعيش لهذا الهُدى وحده
وفي نصره يشتهي مصرعه

ويصبر في دربه راضياً
فبالصبر تُستجلب المنفعة

وينصح قوماً عليه اعتدوْا
وزجّوا به في لظى المعمعة

ولم يرحموا في الورى ضعفه
وهمًّاً يُقاسمه أضلُعه

فأولهم يَستخفُّ بهِ
ويشرب إما بكى أدمُعه

وثانيهمُ يستطيل ضحىً
عليه ، وإن قال: إني معه

وثالثهم يستهين به
ويُلقمه اللطمة المُوجعة

ورابعهم كيدُه كالردى
وربي على الطُّغمة الأربعة

وصاحبنا في الشقا ثابتٌ
ثبات الرواسي ، فما أشجعه

يُردد: حسبي ، ويخلو بها
لعل الدعاء يُزيل الضَّعة

ويُصبح مسترجعاً واثقاً
من النصر يأتي له قعقعة

وتَحدوه باقةُ آماله
كوردٍ غزا الروضة المُونعة

فيشتَمُّ عطر أمانيِّهِ
يفوحُ أريجاً ، فما أضوعه

وتُشرق نوراً أساريرُه
جميلَ اليواقيت ، ما أسطعه

وتأتيه بُشرى ابتهالاته
فيفرح أنْ زالت الزَّوبَعة

ويقرأ قرآنه مُوقناً
بآياته الغضة المُمتِعَةْ

ويلزم غرفته ريثما
يَكُفُّ الجميع عن الجعجعة

ويدعو الأنام إلى دينه
ويَنتهز الفرصة المُزمعة

ويأخذ في سرد أفكاره
بنفس تُناصح مسترجعة

وهمة مسترشدٍ مخبتٍ
يجابه بالرحمة المُمرعة

فيُمسي ويصبح يرجو لهم
خروجاً من المحنة المفظعة

ويبذل جهداً ، ويدعو لهم
ويُرسل في جرحهم مِبْضَعه

ويحلم أن يستجيبوا له
وكلُّ يُعِيرُ له مسمعه

وينصب للجائعين القِرى
وفيه لهم وجبةٌ مُشبعة

ويأمل أن يَرِدوا ماءهُ
وينهل كلٌّ من المَشرعة

ويَعرض واحةَ أزهاره
وأغلبهم يؤثر البَلقَعة

وربي على أمره غالبٌ
وعطفُ المهيمن ذو مَترعة

فتوبوا إليه لكي تُفلحوا
ولا تخذلوا صاحب الصومعة

فإن البلاء بكم مُحدِقٌ
عسى الله بالتوب أن يرفعه

© 2024 - موقع الشعر