شمس العرَب تستطع على الغرْب - أحمد علي سليمان

شمسٌ تشعُ يواقيتاً وأنوارا
تنير دُوراً وأصقاعاً وأمصارا

تُبدد الظلمة الظلماء مذ جثمتْ
وتلفتُ اليوم – للأضواء - أنظارا

تطل حالمة في ثوب طلعتها
فتزهر الأرض - بالإشراق - إزهارا

المسلمون همُ الشمسُ التي طلعتْ
وناولتْ ضوءها البراقَ أقطارا

واسأل عن العلم مَن جَلى غوامضه؟
ومَن أضاف إلى الأفكار أفكارا؟

ومَن تنقل - في البلدان - مرتحلاً
يجني العلوم قراطيساً وآثارا؟

ومَن قضى عُمُراً في نيل معرفةٍ؟
إن المعارف يستغرقن أعمارا

ومَن مضى - في سبيل العلم - محتملاً
لظى الطريق وأهوالاً وأخطارا؟

ومَن تحمّل ما يلقاه مِن قحم
تُشقِي ، وكابد ترحالاً وأسفارا؟

ومَن تصبّر - رغم العُسر - محتسباً
ضنك الحياة لكى يسوق أخبارا؟

ومَن تكلف مالاً لا حُدود له
في العلم يقضي - من التعليم - أوطارا؟

ومَن تعنَّى ببلوى الفقر لاعجة
حتى يوفر أقلاماً وأسفارا؟

ومَن أضاء الدنا بالعلم في زمن
عمّ الدجى كل أهل الأرض أعصارا؟

مَن فقَّه الناس عن علم وعن رَشدٍ
وأنكر الجهل والأهواء إنكارا؟

وجدّد العلمَ في الآفاق قاطبة
حتى غدا مثل موج البحر هدارا؟

ونضّر الفكرَ في أذهان مَن فقهوا
حتى هدى لهُدى الإسلام كُفارا؟

ونظف العقل مِن أوساخ غفلته
وصبّ فيه الهُدى والحق مِدرارا؟

وبيّن الحق ، لم يكتمْ معالمه
وجاد بالخير - للآنام - مكثارا؟

ومَن تعقب ما في الأرض مِن بدع
فدكّها دكّ مَن يجتث أشجارا؟

يا غربُ قلها بلا زيغ ولا غلطٍ
وأشهر الحق مثلَ السيف إشهارا

ولا تغالط ، وهل أغنت مغالطة؟
وأكْبرِ الصِيدَ أهلَ العِلم إكبارا

جُد بالحقائق كم أخفيتها زمناً
ولا تصِرّ - على الإخفاء - إصرارا

إن العباقرة الأفذاذ ما بخلوا
وما أسرّوا - بما قالوه - إسرارا

بل صرّحوا بالذي للعُرْب مِن قيمٍ
كانوا بها للهُدى والعلم أنصارا

حضارة العُرْب مَن في الأرض أنكرها
أراه أنكر – للنجوم - أنوارا

وسائلوا (هونكة) ومَن يُتابعها
عن الألى أبحروا - في العلم - إبحارا

إذا ألّفت تُنصفُ الأعرابَ ناشرةً
مجلداً يمدحُ الأقوامَ والدارا

فما حضارتكم يا غرب مذ بسطتْ
سلطانَ نقمتها ، إذا أصبحت عارا؟

زوّجتكمُ الرجلَ المرذولَ مِن رجل
والمرأة امرأة ، باركتمُ الآرا

شربتمُ البَوْلَ مخلوطاً بغائطه
شأن الذي يعشق المأكول أقذارا

باسم الحضارة كم بعتم كرامتكم
وكلكم أتقن الترويجَ والكارا

وكم سفكتم دماء الأبرياء ضحىً
كأنهم أصبحوا عِيساً وأبقارا

وكم غصبتم فلا حصرٌ ولا عددٌ
والغاصبون استحقوا الخِزي والنارا

وكم فجرتم ، وبات الفجرُ دَيدنكم
وهل يؤيّد ربُ الناس فجّارا؟

وقد هدمتم قرىً كانت مُحصّنة
وسلْ - عن الهدم - لينيناً وجيفارا

وكم غدرتم بمن أعطاكُمُ ثقة
والناسُ تمقتُ غشاشاً وغدارا

وكم غويتم ، وأغويتم مَن افتتنوا
بكم ، وشادوا لمن أغواهمُ البارا

وكم سكِرتم وللمُدام صَولتها
وكم حملتم - على الأكتاف – خمّارا

وكم زنيتم ، فلا الأعراضُ غالية
فالدار تحوي مواخيراً وأزيارا

وتزعمون بأن العِلم رائدكم
إذ قد غدوتم - مِن التشريع - أحرارا

والتقنياتُ لديكم - في الحياة - زهتْ
وأثمرتْ - في بقاع الأرض - إثمارا

حتى فتنتم بها ، والناسُ تغبطكم
أيغبطون - على الإفلاس - أشرارا؟

والعِلم أصبح مقصوراً على فئةٍ
أفرادُها أصبحوا روماً وبُلغارا

والأمريكان لهم - في العلم - حِصتهم
والإنجليز اعتلوْا - في الزيف - تيّارا

والروسُ والهمجُ الإغريقُ كان لهم
باعٌ ، وإن حُسبوا - في الوزن - أصفارا

والشِيكُ والغجرُ الألمانُ أجمعُهم
يروْن أعلامهم بالعلم أخيارا

ويَفترون - على الأعراب - دون حيا
كلٌّ يكيل السبابَ المُرّ مِغزارا

أيكذبون على التاريخ تحسِبُهم
سيُمنحون على التزوير (أوسكارا)؟

والله يشهد أن القوم ما صدقوا
بل أوغروا الصدر – بالتزييفِ - إيغارا

والبعض صدّق ما قالوه مُلتمساً
لمَا افتروْه - عن الأعراب - أعذارا

يا غرب عُد للألى صاغوا شهادتهم
بكل صدق مقالاتٍ وأشعارا

وكُفّ عن كل ما تلقيه مِن شُبه
إن الأعارب لا ، لن يتركوا الثارا

© 2024 - موقع الشعر