سلطان المجنوني! (رائد القصة في العصر الحديث) - أحمد علي سليمان

أيقونة القصة احتفتْ بتضمينِ
وساقها للألى يهوون (مجنوني)

(سلطانُ) حُزت من البيان أعذبه
وحُزت دُربة توضيح وتبيين

وللبلاغة - في التعبير - بَصْمتها
بكل لفظٍ - بحُسن السبك - مقرون

وللأقاصيص مَغزاها وزبدتها
وزادها ألقاً نصُ العناوين

وللبديع صدىً يَزين ما حملتْ
من الرؤى التزمتْ أرقى الموازين

وللفصاحة آفاقٌ بها احتفلتْ
قد زخرفتْ بترانيم وتلوين

وكان (سلطان) أملاها وحققها
فالنص مستيقنٌ ، وغير مظنون

وزانها بإضافاتٍ منمقةٍ
تزيدها ألقاً في خير تزيين

واختار أندى عباراتٍ مزركشةٍ
تُبدي الجمال لعشاق المضامين

واختار لهجة من يرجو نصيحتنا
يُكرر النصح مصحوباً بتلقين

ولا يملّ - من التكرار - محتسباً
عند المهيمن نشرُ العلم والدين

هو الحريص على إيصال فكرته
حرصاً تُوثقه شتى البراهين

هو المضيف بشاراتٍ لقصته
وقد يغلفها بالعطف واللين

هو المحقق لم يرو الهُرا أبداً
كما يُروّجه أهل الأظانين

هو المدقق أخباراً لسامعها
فلا يُغلبُ فيها أي تخمين

وإن يكن لقباً له الجنونُ بدا
لكنه ليس كالبُله المجانين

أراه أفضل راو لا يُضارعُه
راو ، وإن خط آلاف الدواوين

سِيماءُ وجهك يا سلطان تُنبئنا
أن المحدث من نسل السلاطين

قرأتُ آلاف ما اقتنيتُ من قصص
خطت بأيدي عماليق دهاقين

فما وجدتُ لما ترويه من شبهٍ
شتان شتان بين التِبْر والطين

فجُلهم آثر الأموال تجلبها
فصول نص بسُم العُهر مدهون

صيغتْ بلا أدب سام ، ولا قِيم
حتى تحوز الرضا ، لدى الفراعين

وبعضها يمدح الإلحاد منتظراً
رضا الأباطرة العِير القوارين

وبعضها يعرض الفجور دون حيا
يريد حظوته لدى الهوامين

وبعضها الدعرُ فحواها ومنهجها
حتى تكَمّل أدوار الشياطين

وبعضها صُبغتْ بالعهر أسطرُها
حتى تُرَوّج إغواء الملاعين

وبعضها الكفرُ – في الديار - جندها
لهدم منظومة الأخلاق والدين

وبعضها الظلم قواها وساندها
للنيل من ملة الغر الميامين

من الدعاة سعوْا في بعث نهضتها
وحصنوها تباعاً خير تحصين

(سلطانُ) جاء بما يرويه من قصص
غيثاً يُرَوّي مجاهيل الملايين

فقصّ ما قصّ مُستلاً مُهنده
فالدارُ ضاقت بكيدٍ جدّ مفتون

ساق البديلَ رواياتٍ مهذبة
وأثمر السَوْقُ نفعاً غير ممنون

تُعلم الناسَ آداباً تُؤهلهم
كي يُدركوا همم الأسْد العَرانين

تُناولُ الخلق ما عُلمت من مُثُل
بلا مجاملةٍ ، أو بعض تدشين

وتُنذر الناس عن سوآى تحيقُ بهم
وترسل اللوم بين الحين والحين

نجحت في جانب الإسقاط معتمداً
على الرشاد يُسلي كل محزون

وللصحابة قسط في روايتكم
بسرد نص - على التحقيق - موزون

لم تُلف حاطب ليل لا يُحقق ما
يرويه من قصص بالصدق مرهون

فكم بكينا من الرواية انتظمت
تأوي - لنهج شديد الوقع - مسنون

وكم ضحكنا لِمَا تزجيه من مُلح
تسبي فؤاد كسير النفس مَغبون

وكم رثينا لِمَا ترويه من شجن
بروح مبتئس وقلب مشجون

وكم دعوْنا لك الرحمن في شغفٍ
وأمرُ ربك بين الكاف والنون

أعانك الله يا (سلطانَ) صحوتنا
وعشتَ ما عشتَ في عِز وتمكين

© 2024 - موقع الشعر