إِذا اِبتَدَأَ الساقي وَثَنّى وَثَلَّثا - صفي الدين الحلي

إِذا اِبتَدَأَ الساقي وَثَنّى وَثَلَّثا
وَجَسَّ لَنا الشادونَ مَثنى وَمَثلَثا

وَهَبَّ لَنا شادٍ حَكى الغُصنَ قَدُّهُ
يُرَدِّدُ طَرفاً صامِتاً مُتَحَدِّثا

أَخو نَشطَةٍ فَحلُ اللِحاظِ مُذَكَّرٌ
يُخالُ لِتَرخيمِ الكَلامِ مُؤَنَّثا

إِذا لَحظُهُ أَو لَفظُهُ ظَلَّ نافِثاً
بِسِحرٍ لَنا لَم نَدرِ مَن كانَ أَنفَثا

فَيُنشِدُ مِن شِعري رَقيقاً مُخَمَّساً
وَيَرشُفُ مِن خَمري رَحيقاً مُثَلَّثا

وَيَمزُجُ لي في الكَأسِ بِكراً قَديمَةً
تَخالُ خِباها مِن جَنى النَحلِ مُحدَثا

إِذا بَسَمَت لِلهَمِّ راحَ مُقَطِّباً
وَإِن سَفَرَت لِلحُزنِ سارَ مُحَثحِثا

فَلا تَخَلني إِن طِرتُ بِالسُكرِ تائِهاً
أَرومُ بِأَهدابِ النُجومِ تَشَبُّثا

وَلا أَن تَراني تائِهَ العَقلِ طائِشاً
أَرى الرُشدَ عِندي أَن أَقولَ وَأَعبَثا

وَلا أَنثَني عَن حالَةٍ وَأُعيدُها
وَأُقسِمُ أَنّي لا أَعودُ وَأَحنَثا

فَما العُمرُ إِلّا مِثلُ خَطفَةِ طائِرٍ
يَمُرُّ سَريعاً لا يُطيقُ تَلَبُّثا

لِذَلِكَ إِنّي أَنهَبُ العَيشَ قاطِعاً
ثِمارَ المُنى حَتّى أَموتَ وَأُبعَثا

© 2024 - موقع الشعر