سارقو الأمجاد - أحمد علي سليمان

مهما انتسبتم - إلى التوثيق - أزمانا
وردّد الناسُ ما قد خط مُزدانا

فإن نسبتكم إليه مَحضُ هُرا
والانتسابُ غدا زوراً وبهتانا

يا أكذبَ الناس والكُتاب قاطبة
والكِذبُ يأخذ أشكالاً وألوانا

حرّفتمُ الحق عمداً عن مواضعه
يا جوقة أمعنتْ في الزيف إمعانا

هي الحقيقة تهجوكم وتلعنكم
بما غمرتم بزيف القول أذهانا

فكم درجتم على التزوير ضاق به
مَن ينشدُ الحق إسراراً وإعلانا

وكم نسبتم - لأهل الغرب - منقبة
خرّوا - على ظلها - صُمّاً وعُميانا

والاختراعاتُ ضجّتْ مِن تحايلكم
إذ لم تقيمُوا - لأهل العلم - أوزانا

لم تُنزلوا العُلما أرقى منازلهم
إذ افتريتم ، وكان الغِش بُرهانا

وتلك مِطرقة التدليس شاهدة
تدقّ حقاً وتفصيلاً وتِبيانا

حتى الأسامي التي التاريخ مَجّدها
شوّهتموها ، كأن المجدَ ما كانا

فهل أقمتم - على الدعوى - أدلتها؟
أم قد جعلتم جزا المعروف نكرانا؟

أجدادنا نبغوا في العلم ، واخترعوا
وأنشأوا - في مغاني الأرض - عُمرانا

ونقحوا العلم تنقيحاً يتيهُ به
جيلٌ يُكِنّ لهم فخراً وشُكرانا

في كل فن لهم باعٌ ومدرسة
كأنما نصبوا - للعلم - ميزانا

ولستُ أعطي - على الإبداع - أمثلة
فالقوم لم يتركوا - في العلم - ميدانا

كانوا الأساطينَ في طب وهندسةٍ
وأسّسوا - في علوم الأرض - أركانا

والبعضُ عاشوا - بما جدوا - صيادلة
وأتقنوا وصفة الأعشاب إتقانا

وركبوا لشِفا الأمراض أدوية
وأذعنوا - لعلاج الوحي - إذعانا

وأثبتوا أنهم أهلٌ لمَا انتهجوا
مِن المذاهب ، تهدي المجد أوطانا

شادوا الحضاراتِ في قرىً وباديةٍ
وطامنوا النجمَ تشييداً وعُمرانا

وفي التراجم مِن أخبارهم زبَدٌ
تزيدُ قارئها تقوى وإيمانا

بين العلوم وبين الدين قد جمعوا
فزادَهم ربنا علماً ورُجحانا

في البحث والدرس ما خارتْ عزائمهم
ميدانُ حرب ، وكانوا فيه فرسانا

حازوا المقاماتِ ، لم يظفرْ بها أحدٌ
واستصحبوا المجدَ ، كانوا فيه أعيانا

وزايلوا خطراتِ الضعف تصرفهم
عن التفوّق ، لا تبقِي لهم شانا

ودرّسوا العلمَ مَن - في العلم - قد رغبوا
وأحسنوا لمُحبّي العِلم إحسانا

واليومَ يهضمُهم حقوقهم همَجٌ
يُسَطرون أضاليلاً وأعفانا

فكيف يلقون مَن يُصغي لباطلهم؟
أليس يَملك أهلُ الفهم آذانا؟

وهل يُصَدّق أهلَ الإفك ذو رشدٍ
إلا إذا كان في التزييف هيمانا؟

إني أرى سارقي الأمجاد قد كُشِفوا
مهما ارتدَوْا - في مهاوي الغي - تِيجانا

يُلفقون ، فهل راجتْ بضاعتهم؟
كأنما اتخذوا التلفيق عنوانا

زغلولنا الفذ جلى كل ما سرقوا
وردّ كيدَ الألى آذوْه عدوانا

إذ أججوا غيرة تغلي بداخله
حتى تعقبهم ، وعاد جَزلانا

وغربلَ الزورَ مُستلاً مُهندَه
وانداحَ - في الحرب - كَراراً وطعّانا

وصدّ هجمتهم في كل معتركٍ
وأثخنَ الشهم - في الأعداء - إثخانا

ولم يُبال بما خطوه مِن شبهٍ
ولم يجدْ - في لقا الأوباش - أعوانا

وخط بالنور والتقوى رسالته
لأمةٍ هجرتْ شرعاً وقرآنا

لعلها تُدركُ المأمولَ في غدِها
حتى تُجنبنا ظلماً وطغيانا

ونسأل اللهَ أن يُقيلَ عثرتها
ما خاب عبدٌ رجا – في الكرب – رَحمانا

© 2024 - موقع الشعر