رفقاً بنفسك يا صاحبة الدموع (السيدة عائشة) - أحمد علي سليمان

حِليةَ النِّسْوَانِ ، أمَّ المؤمنينْ
مَعْقِدَ التَّقْوى ، ونبراسَ اليقِينْ

الهُدَى والنُّور والذكرى معا
ومنارُ العز والعقلِ الرِّصين

ورياضَ العِلم وهَّاجَ السنا
ومِهادَ الذكر والفكرِ المُبين

مَعقِلَ الطُّهر وبستانَ النَّقَا
طَهُرَت في الناس مما قد يَشِين

واحةَ العَدلِ وعُنوانَ التُّقى
ربَّةَ العطف ومَن تُهدِي الحَنين

مَورِد العِفَّةِ ، يَكفي أنَّها
زوجُ خير الخلقِ تَاجِ المُرسلين

غادةَ التِّبيان وضَّاحَ الصَّدى
مَنبعَ الجُود وبِنتَ الأكرمِين

مَصدرَ الأخلاقِ في غاياتها
ومَعينَ الصدق بين الصادقين

مُنتهى الخيرِ وآمادِ الصَّفَا
خيرَ مَن خُصَّت بتكريم الأمين

فالوفا والقسط مِن آياتها
إنها مِن بَعدُ أمُّ المؤمنينْ

يا ابنةَ الصديق ، يا خيرَ النسا
أبشري بالنصر يَجتاحُ المَنون

زخرفَ الإفكَ الشَّقِيُّ ، ما لنا
في العَوادي غيرُ ربِّ العالمين

يَنصرُ الحقَّ ويُردي مَن طغى
ويُثيبُ المَرءَ مِن بعد الفُتُون

صابري يا أمَّ ، هذي فتنةُ
بات فيها الغدرُ كالماء المَعِين

سَكَبَ النار عليها جَوقةُ
نسجوا الزيفَ رداءً والدُّجُون

هكذا يا ابنَ سلول حِكْتها
وأبنتَ الزور والحِقدَ الدَّفِين

ورجمتَ العِرض جهراً بالحِصى
وسفكتَ الدمَ بالسَّيفِ الغَبِين

واستبحتَ الدِّينَ عمداً والعُرى
ورميتَ الطُّهرَ بالقول اللعين

بُؤْ بِهَا يبن البرايا لعنة
ليَراكَ القومُ مُسوَدَّ الجَبِين

وإذا يثربُ تَهذِي كلها
تخلعُ الطهُّر عنِ العِرض الحَصِين

وإذا (حسانُ) يَروِى إفكَهم
وجزاءُ القذف جَلدُ في (المُبِين)

وإذا (المختارُ) أضناه الجَوَى
فوق شوكِ الطعن قد كان الرَّهِين

يسأل الزوجَ عن الأمر ضُحىً
فغلتْ في قلبها نارُ الأَنِين

وإذا (الصِدِّيقُ) يَنعي غادةً
ويمُجُّ الآه في صَدرِ الظُّنون

وتعاني (أمُّ رومانٍ) كذا
عادتِ الذكرى بها عَبر السِّنين

وتلظتْ مُقلتاها بالبُكا
وإذا بالقلب غشَّتْه الطُّعُون

وإذا (الهادي) على شوق أتى
وابنةُ الصديق في الكرب الدَّجِين

(كيف تِيكُم) ، قالها مستعبراً
صوتُه بالدمع هَتَّانٌ حزين

وابنةُ الصديق في آلامها
وتلالُ الدمع تشكوها الجفُون

تشربُ الحزنَ نقيعاً وحدها
مِن بُكاها قُرِّحَت منها العُيونْ

تشتكي الفتنةَ لله الذي
هو مَولِى الصالحين الصابرين

ومع الأحزان عاشتْ شهرَها
وإذا بالنصر أوحاه (الأمين)

بَرَّأ اللهُ به ساحَتَها
وأدان اللهُ رأسَ الفاسِقِين

وعدَ اللهُ الخزايا نارَهُ
ثم باتت عِبرة للمسلمين

فاسعدي يا أمُّ ، وارتاحي إذن
واحمدي اللهَ نصيرَ المُتقين

غرَّد الحقُّ ، وأنتِ أهلُه
(عائشَ الخير) ، وأمَّ المؤمنين

واثأرِ اللهم ممَّن نالها
باتهام فاحشٍ مُرٍ مَهِين

وانتقمْ ممن يُدنِّي شأنَها
في زماني - ربِّي - أو خالِي القُرون

وارض ربَّ الناس عنها ، إنها
تبعتْ بالحق خيرَ المُرسلين

وتسامت في سَمَا إسلامنا
ولها في الفقه كم رأي رزين

وروتْ ألفَا حديثٍ وحدَها
ولها في هجعة الليل شُجُون

خُلِّدتْ في سُورة (النور) ، فزِد
مجدَها - يا ربَّنا - في الخالدين

يا إلهَ الكَون أكرمْ شأنَها
مَن لهذا غيرُ مولانا المَتِين؟

© 2024 - موقع الشعر