رسالة إلى عبد الله بن سبأ - أحمد علي سليمان

ضجّ اليراعُ ، فلامَهُ القرطاسُ
وجفا المِدادُ ، فزاره الإحساسُ

وهفا إلى سَبأ نسيمُ صبابتي
فهوتْ على شوق المُحِب الفاس

وتذكرتْ بلقيسَ ذاكرة الهُدى
وقد اهتدتْ ، فكأنها النبراس

ونزلتُ صنعاء المنارة باحثاً
عن مُجرم أستاذه الخناس

فوجدتُه يُغري بقتل خليفةٍ
وتجمعتْ حول الكفور الناس

ويسوق تدجيلاً وأفكاراً هوتْ
مِن هولها الألبابُ والأقباس

ويريدُها فتناً تموجُ بأهلها
حتى يشاهد نارَها الأخياس

سبأ غداً تطأ الحتوفُ أناسَها
والفتنة الهوجاءُ ليس تداس

سبئية مثل الجحيم أوارُها
ومصيرُها التضليلُ والإفلاس

ودعاتها خابوا ، وخاب كبيرُهم
الخائنُ المستكبرُ الدساس

والتابعون لها حميرٌ كلهم
خبثَ الغفاة الجوقة الأنجاس

إني لأعجب منك يا أشقى الغثا
عجباً يضيق بوصفه القِرطاس

زيرَ اليهود لك الجحيم تسعرتْ
فسعيرُها يعنو له الأدناس

أغرى بك التحريفُ مَن أضللتهم
فغدَوْا عبيداً فوقهم نخاس

ورأوْا بعينيك الضلالَ مُزخرفاً
فتلقفوه لأنهم أتياس

وتجمعوا حِلقاً تُناصرُ باطلاً
وكأنهم للمُفتري حُراس

شربوا الغواية مِن يديْ مُستهتر
خاب المُضِل ، وخابَ بعدُ الكاس

كيف افتريت على المليكِ وشرعهِ
وطغى عليك بنفثهِ الوسواس؟

أتشبّه المَوْلى بخلق زائل؟
ضلّ المُخرّف ، ثم ضل قياس

أتقول: إن الله جسمٌ لامعٌ؟
جل المليكُ ، وشاهتِ الأرجاس

أتقول: إن الروحَ أخطأ دربَه
ولذلك اختلطتْ عليهِ الناس؟

فحبا الرسالة أحمداً بجهالةٍ
خابت رؤاك ، وخيّب المِقياس

وأراك ألغيت القيامة عامداً
هل قول مثلِك باليقين يُقاس؟

دَثرْ ضلالك في عِباءة مُلحدٍ
وامش الهُويني إن قلاك لباس

واحذرْ مِن (المقدادِ) سيفاً صائباً
واخرسْ ، فلا يسمعْ بك العَباس

وامسكْ لسانك عن مقولة كافر
واصمتْ ، فلا يسمعْ بك النواس

واكظم سُمومك ، لا يغرك حِلمهم
واهدأ لئلا يعلم الأكياس

وإذا كُشفت ، فكن حِماراً بينهم
وكُل الحشيش ، كأنك النسناس

إذ كيف تحيا بينهم متطاولاً
أولى به إما طغى الأرماس

صنعاءُ بعدك أخرجتْ عُلماءها
ممن لهم في فقهنا أنفاس

فاسأل عن الفذ الأمير وعلمه
علمٌ يضم عطوره الكُراس

سُبل السلام بما نقول دليلنا
وفصوله في نظمها أعراس

وكذاك (شوكانيّنا) مثلُ الضِيا
ومِدادُه عند الكتابة ماس

إذ (نيلُ أوطار) العظيم سبيلنا
يُزجي الدليلَ ، كأنه القِسطاس

صنعاء بعدك قدّمتْ شعراءَها
فالشعرُ فيها يانعٌ حَسّاس

أمسى يفوحُ مِن الطلاوة وردُهُ
والفلُ يشهدُ ، واللمى والآس

وله بمن يهفو إليه مطامحٌ
وتأمّلاتٌ لم يزرْها الياس

دررٌ يُضئ على القصائد شهدُها
والزهرُ يلهو عُودُهُ المَيّاس

كلبُ العبيد عليه لعنة ربنا
ما كان عيشٌ في الدنا أو ناس

والكلبُ أشرفُ منك يا أردى الورى
فالكلبُ لم يُشهَر لهُ القداس

والكلبُ لم يكفرْ ، ولم يكُ راهباً
كلا ، ولم يلعبْ به الشماس

والكلبُ خلقٌ للمليك مسبّحٌ
متوددٌ بين الورى مِئناس

© 2024 - موقع الشعر