دور المشيب! (عجوز لم تحترم شيبها) - أحمد علي سليمان

مبتلاة – في الغي – ليست تُبالي
أين من هذي مفرداتُ الجمالِ؟

هدّها الشيبُ ، ثم صارت عجوزاً
ورجوعُ الجمال عينُ المُحال

ذهب الحسنُ ، واستحالت رتوشاً
وأصيبتْ – بين النسا - بابتذال

ويح سوْآءَ سُوقها اليوم فضّتْ
ثم باءت – فيها – بأسوأ حال

حيزبونٌ لم تستسغها عيونٌ
ثم ضمّتْ للقبح سوء الخِلال

دردبيسٌ – بالمعصيات - تدنتْ
والمعاصي دربٌ لأعتى الضلال

لم تزل في درب التبرّج تسعى
صورة كم تزري بذات الحِجال

ثم تُبدي ما حقه أن يُوارَى
قلتُ: سُحقاً قالت: أنا لا أبالي

قلتُ: إن الحجاب أولى استجيبي
قالتِ: ان المطلوب صعبُ المنال

قلتُ: شَوْها ، ما فيكِ شيء جميلٌ
سوءُ خلق ، وبعدُ سوءُ فِعال

نحلَ الجسمُ ، وابتليتِ بشيب
جرّ – قسراً – وَهْنَ القوى والمِحال

والقوامُ ولى إلى غير عَودٍ
وجمالُ الوجه انتهى للزوال

لم تعودي أنثى تُثيرُ ، وتُغري
ذهب البدرُ مُعْقِباً بهلال

لن يُفيد لينُ الخضوع بقول
بل يصيبُ مستنصتاً بخبال

أسبغي الثوبَ ، أنت بالثوب أحلى
جَدة أنت تؤوي عِيال العِيال

قاعدٌ أنتِ ما لها في التصابي
وبَنوكِ في زمرة الأخوال

اذكري الموت ، يجتني كل لهو
واذكري القبرَ - فيه - شرّ المآل

واذكري يوماً فيه بعثُ البرايا
واذكري ذل المنتهى والسؤال

واذكري النار ، وهْي ترجو مزيداً
من أناس تُوعّدوا بالنكال

أتُلاقين الله بالعُرْي سَمتاً
إن هذا من أقبح الأفعال

إن هذا المشيب أقوى رسول
جاء يجتث مَعْقِدَ الآمال

إن هذا المشيب نعمة ربي
جاء يُزجي قرائن الإرتحال

حاملاً بشرى للذين أطاعوا
واستجابوا لربهم ذي الجلال

ونذيرٌ هذا المشيبُ لقوم
لم يقوموا بطيّب الأعمال

إن دور المشيب دورٌ عظيم
كيف يحظى بالترك والإهمال؟

إن هذي الأنفاسَ عُدّتْ علينا
والحتوفُ تأتي بدون جدال

فادرسي يا شمطاءُ زبدة قولي
رُب تفصيل في ثنايا مقال

© 2024 - موقع الشعر