دفء الأعاصير - أحمد علي سليمان

غرّدَ البلبلُ ، فاهتاجت شجوني
واحتواني الدفء في ظل الأماني

وكتاب بات عندي بعد سَبع
فرحة وَسْنى تغني في كياني

كم تمنيتُ! وكم طال اشتياقي
قيل لي ، عند فلان وفلان

قلت: إن الصبر أضناني ملياً
وانتقلتُ من مكان لمكان

أنشد العلمَ ، وللتوحيد أسعى
إنما العلمُ سبيلٌ للجنان

إنما الجاهل مَن يعبد مالاً
يشتري الدنيا ، ويحيا للهوان

مُعْرضٌ لم يقرأ العلم المصفي
لم يفتش في دواوين البيان

آثر الدنيا على أخراهُ دهراً
عاش للدنيا ، وللسبع السمان

لم يَشقه الذكر ، كلا ، والوصايا
إنه لم يفقه السبع المثاني

قال: سِفرُ العلم أهديه إليكم
قلتُ: مرحى ، إنما العلم سِناني

يا ترى هل يعرف (الكشاف) هذا؟
أو (حياة الصحب) أو (روح المعاني)؟

ليس معذوراً بجهل مثلُ هذا
كم أضاع العمر في حب القِيان

لكن المقبلُ للجنات يسعى
لا يرى الهزل ، ولا قيح المغاني

جاءني البلبل بالأنباء نشوى
قلتُ: ماذا؟ قدِّم الآن التهاني

أسعدِ القلب ، فكم ذاق البلايا؟
واملإ النفس بدفقات الحنان

وقناني العمر من جُرح تعاني
صُبّ عطر الحب في هذي القناني

أبهج الروح ، فكم ذاقت أساها
بعد غدر الصحب ، والخل الجبان

كم بذلتُ المال في أسفار علمي
وأرى العلم حُسامي ولساني

وكذا العلمُ حياتي في البرايا
وبميدان النزالات حِصاني

وقرأتُ السفر ، سطراً بعد سطر
بل وحرفاً بعد حرفٍ بامتنان

إنه الإعصار في قلبي ، وروحي
وله في النفس دفءٌ كالدخان

كم أباد السفر جهلاً بفؤادي
وكأن السفر في حور الجنان

رب وانفعنا بما خط حبيبي
رب وارفعنا من الحال المُهان

رب إن الصف كم عانى نفاقاً
رب متعنا بأفكار حِسان

© 2024 - موقع الشعر