خلجات في النفس - أحمد علي سليمان

احرقي ظلكِ ، فيم الحذرُ؟
منذ فجر اليوم جفَّ المطرُ

صدقيني لن يعود الملتقى
عكَّر الذكرى بقلبي الكدَر

وسما ذكراك عانت ظلَماً
إنما بالقهر مات القمر

إنني - خلف التسامي - اكتوي
في الدياجي يحتويني السفر

شارد الذهن ، أناجي فكرتي
ويؤز الروحَ فيَّ الحذر

مثقلُ النفس ببلوى أملي
ويمج الكيدَ فوقي البشر

يا فتاتي فيك غاصت حُرقتي
في سطور الوهم ذابت فِكَر

إنني قدمت خيري دائماً
ثم آذاني – لديكِ - الضرر

كم سهرتُ الليل كُلي ألمٌ
ثم يُعطَى للأعادي الثمر

كم بذلتُ المال ، بل والعَصَبا
كي يسود الحق ، بل والسمر

كم نفحتُ الخير في شعري سنا
وتلظيت ، دهاني السهر

كم أمطت الستر عن أخيلتي
والصدى أفضى ، وغاص الغجر

إنني صارحت من ناوأني
فأعِدتْ للصريح السعُر

يا فتاة الوهم لا تنتظرى
عودة الذكرى ، فهذا قدر

تذكرين العهد يا آنستي
يوم لقيانا ، وقال الأشِر

أعطني الأشعار ، إني وجلٌ
قلت: كلا ، واحتواني الخطر

ليس مأموناً على عاطفتي
رفقة يمحو ضياها الوطر

لم يكن في الله حباً صادقاً
ولذا ولى ، وولى الأثر

أنتَ مزقتِ المروءاتِ سدىً
ثم قلتِ في الدنا: ما الخبر؟

كيف ترجو من فؤادي خُلة؟
إنه في حزنه ينفطر

والمنايا - فوق روحي - جبلٌ
واللظى في عزمتي يستعر

أيها الخدّاع ، دع ما تشتهي
إنما جو الصفا يعتكر

ثم تنورُ الجفا أودى ضحىً
بالهوى ، حتى متى أصطبر؟

أيها الباذل شعراً هدراً
كفكف الهزل ، أيا ذا النمر

خيّم الظلمُ ، وسادة غابة
يؤخذ الدرسُ بها والعِبر

لا تعاند ، منك كانت عثرتي
وكذا غارت بشعري الحُفر

عبثتْ بي في الورى أدمغة
يستحي منها الوفا والفِطر

كم بآفاق الهوى زلت بنا
وعن الأخطاء حاد البصر

وأباطيلُ الهوى كم هزلتْ
أظلمتْ شعري ، وغاب السحَر

آه ، واللوعة زادي والصدى
وطوى قلبي السرابُ العكر

كنت أرجو فيك أسمى غايةٍ
لم يكن يؤذي اليراعَ الضجر

كلما واجهت ظلماً لامني
ابنُ وادي النيل ، بل يعتذر

قلت: ويح الشعر ، يكفي وخزه
ويح جمر الوزن ويح الصور

يوم صغت الشعر فيمن فسقتْ
أسعد الدنيا ، وفاض الظفر

وإذا الشعر تحلى بالهُدى
كشّر الشيطان ، قام الخفر

يا أباطيل الهوى ، لا تفرحي
إنما برج الخنا ينفجر

فاخنقي بالكيد شعري غِيلة
إنما في قوس صبري وتر

إنما الأيام هذي دولٌ
مَر منها ما به مُزدجر

وإذا أيام ظلمي كابرتْ
صدقيني: سوف تأتي أخر

يملأ العدل صداها والدنا
ويفيض القسط ، بل ينتشر

فدعي شعري يعاني صدمة
ودعي وخز الجوى ينتحر

وابحثي عن هازل مبتذل
إنما الجد غدا يُحتضر

سوف لن آسى عليك ، انصرفي
ولنفسي - اليوم - لا أنتصر

إنني - فوق المعاني - ألقٌ
كيف من فوق الذرى أنحدر؟

حبِّري أوراق شوقي كذباً
إن صدقي – اليوم – لا يندحر

كل ما أحدثتِ في قلبي هنا
في خيالي والنهى مستطر

لست مثل الطيف أهفو شذراً
إنني غال ، وخسفي عَسِر

مؤمن بالله ، أرجو عفوهُ
ولمن يطغى أعِدتْ سَقر

وكذا القرآن أتلو آيه
إنما القرآن فيه النذر

حَطم اللهم عنقودَ الخنا
أنت ربٌ عادلٌ مقتدر

© 2024 - موقع الشعر