خرائب الماضي - أحمد علي سليمان

يا أيها الماضي ، ابتعدْ
ما عُدت أخشى مِن أحَدْ

واحمل عصاتك ، وارتحلْ
طَحَنَ الفُؤادَ دُجى الأمد

فيمَ الرُجُوع إلى الورا
والذكريات كما الزبد؟

أيحن فَذٌ للدجى؟
والحُرُّ أعياه الكمد

يا أيها الماضي: كفي
إن الأمانيَ ترتعد

خمّشتني ، وجرحْتني
وأراك تصطنعُ الوقد

كي تحرق النُّور الذي
أحيا عليه ، وأجتهد

قد كنتُ مَجنوز الجوى
أنأى ، ولا ينأى الكبد

في الجاهلية ضُيعتْ
آمالُ مَغوار أسد

فجنيت أشواك الهوى
وحملت أطنان السُهُد

وطرقت باب شقاوتي
والتف حبلٌ من مسد

حول الفؤاد ، فعاقني
عن كل خير يُعتقد

وقد اقتنيت مصائبي
مِئتين - حقاً - بالعدد

ما بين أُغنيةٍ وبا
طل فكرة ، أمرٌ يُرد

وكذا من الأصحاب كا
نت صُحبة القوم الرُدد

وتصوراتٌ مُرةٌ
والعيش كَبّله الوبد

وزعمتُ أني في الذرى
رُوحاً ، وقلباً والجسد

ووهمتُ أني مُهتدٍ
من خير فِتيان البَلَد

وأنا الذي في شقوتي
وضللتُ ، روحاً ، والخلد

يا صفحة الماضي مزق
تكِ بالحسام المُحتفد

وطويت دفة ما مضى
وفتحت أيامي الجُدد

ورأيت فيما قد فعل
ت صَواب أمري ، والرشَد

والذكرُ محفوظٌ ، وسُن
ة أحمَدٍ ، فيم العُقد؟

والنور يُعطاه الذي
من ربه طَلَبَ المَدَد

© 2024 - موقع الشعر