خالصة أجرة الشحن! (باع زوجته لثري) - أحمد علي سليمان

بعها ، فهذي خيبة متداعية
والفطرة انتكست ، وأضحت بالية

بعها ، وصدّقْ ما عليك ملامة
إن الكرامة - في أساها - دامية

بعها ، وآدم منك يبرأ ، والحيا
أو تِلها لجبينها والناصية

واذبحْ ، وقدّمها وليمة صفقةٍ
وادعُ الأراذل يأكلوا والحاشية

ماتت حبيبتك التي تزهو بها
ولك العزاء مقدماً في الجارية

بعها ، فدينار أعز عليك من
ها ، والتمسْ لك في الحظايا غانية

ما حِرتُ - فيما قد فعلت - لحيظة
ماذا فعلت أيا صريع الهاوية؟

هذا القصيد أمجّ فيه قريحتي
بدم الوفاء أخط حرف القافية

بعها ، فقد بعت الحنيفة قبلها
وزهدت في التوحيد ، هذي القاضية

ورضيتَ أن تحيا بغير عقيدةٍ
ورتعتَ في الدنيا رُتوعَ الماشية

والذئب راود من تحب ، وبعتها
بيع العبيد ، بكل نفس راضية

عشْرٌ من السنوات مرتْ بعدها
سنة ، ولم تنكح (دلالاً) ثانية

حتى إذا كانت رياحُ نقوده
بعت الحبيبة في خِضم الآصية

بالأمس كنت تقول حبي وحدها
وكتبت شعراً في المَصون الغالية

حاربت كل الناس كي تحظى بها
وتحققتْ لك أمنياتٌ غالية

وقد اغتربت تريد مالاً وافراً
وتريد أن تحيا حياة راقية

وضممتَ للإلف الأليفة جاهداً
ورزقتَ بالخيرات تترى زاكية

وقد ادخرتَ حليلة بالبيت تع
طي أنسها ، كانت عليك الحانية

حتى إذا كان البريق ، وأخذه
أسرعتَ خلف المُغريات الفانية

وتبعت شيطان الفلوس ، وحزبه
فوضعتَ نفسك في جحيم الداهية

أهملتَ دارك والحبيبة والوفا
وأتاك ذئبٌ من وراء الرابية

والله يعلم ما وراء مجيئه
وضعَ الحليلة في سعير الآنية

وشوى عفاف حيائها وإبائها
أما الحليل عليه تبكي الباكية

وكما تدين تدان في هذي الدنا
ما شئت فافعل سوف تأتي الغاشية

بعها ومثلك في الورى ملءُ الدنا
والعِرضُ مبذولٌ بأدنى زاوية

والناس تعلم ، ثم ترضى بيعه
هذي ورب الناس بلوى قاسية

لكنما عند الموحد عرضُه
أوصت عليه شريعة متعالية

إن الموحّد مخلصٌ ، إذ لا يف
رّط فيه ، لو كانت خطوبٌ عاتية

بعها ، ولا تندم فقلبك ميتٌ
بل إن نفسك بالبلايا دارية

وادفع لشاريها ضمينة شحنها
وابكِ الأمانيَ في الحياة الماضية

ثم اشتر الدنيا ببعض فلوسها
وأحبّ - من بين البغايا - غافية

وتزج بالأخرى بألفي درهم
ليست عليك جديدة يا داهية

وإذا اشتراها الوغدُ قدّمها له
واعقدْ مزاداً في سياج البادية

واسكبْ على الأموال خيبتك التي
غرّتك في دنياك تلك اللاهية

وامهدْ لنفسك عند ربك زاهداً
وانع الكرامة في النفوس الجاسية

أنت الذي قدمت أجرة شحنِها
والصفقة الرعناء لم تكُ خافية

هانت عليك ، لأنك مثلك تافهٌ
ولأن روحك - من هُدانا - خاوية

حتى تملكت الفلوس ، وحزتها
جرّحت حبك بالدعاوي النابية

يا رب جنبنا انتكاس قلوبنا
إنا لنسألك التقى والعافية

© 2024 - موقع الشعر