حُرٌ في زمن العبيد - أحمد علي سليمان

لا يمقت الحرَّ إلا خائرو الهممِ
إذ لا يُطيقون طعم العز والشممِ

تنازلوا - للطواغي - عن كرامتهم
واستعذبوا الخوض في الأرجاس والرمم

وبايعوهم على تنفيذ ما أمروا
وإنْ يخالفْ صحيح الشرع والقيم

فألهوهم ، وأبدَوْا فرط طاعتهم
فأصبحوا - بين كل الناس - كالخدم

أو كالسوائم - في بيدائها - رتعتْ
بعد الشروق كمثل الأينق الرُّسُم

أو كالعبيد ابتغوا مرضاة سيدهم
كعابدي الوُثن والأحجار والصنم

تشابهت - في الهوى - قلوبُ أغلبهم
فاستسلموا لدجى الأرجاس والتهم

والحُر - بين الغثا - يلوكُ حسرته
مكابداً ألم الأحزان والوَضم

جنى عليه مُقامٌ بين من رضخوا
للظالمين ، فعانى شدة الألم

أزرى به مُكثُه في طغمةٍ هزلتْ
وحطه - مِن عل - في مرتع وخِم

وكم تمنى لهم خيراً ومَكرمة
وسعيُه للمعالي غيرُ متهم

وناصح الكل في سر وفي علن
بمنطق حسِن الألفاظ محترم

ولهجة سلمتْ من كل منقصة
وحرص شهم بشرع الله معتصم

فما استجابو لما يزجيه من دُرر
وما استساغوا الذي يُلقيه من حِكَم

وما أعاروه - إما قال - أفئدة
لأنهم فاقدو الأحلام والهمم

© 2024 - موقع الشعر