تغير الحال أم الخال - أحمد علي سليمان

خالٌ بأي شنار بُؤتَ يا خالُ؟
وكيف أزتك أطوارٌ وأحوالُ؟

وكيف تطعن بالبهتان سُمعتنا؟
والطعنُ والكِذب والتضليلُ أوبال

وكيف ترمي بسيف الغدر عِشرتنا؟
فأين عُرفٌ تلاقى عنده الآل؟

وكيف تقصِم بالتوهيم مَحْتدنا؟
أواه كم تنقصُ الأقوالَ أفعال

وكيف تنكر مُحتالاً علاقتنا؟
لطالما زيّف الصِلاتِ محتال

وكيف تقطع حبلاً كان يجمعنا؟
عليه كم عُلّقتْ رُؤىً وآمال

وكيف تهدم ما شادت عزائمُنا
من الوداد ، وفي النيّات أطلال؟

وكيف ترفع كفاً طالما بذلت؟
تهوى بها مثلما يحتج أنذال

وكيف تُشهر سيف الكيد مُنحدراً
إلى الحضيض؟ ألا خانتك أصلال

وكيف أهدرتَ عن عمدٍ قرابتنا؟
أهكذا يَذبحُ القرابة الخال؟

كم كان يحسُدنا الأغرابُ إن نظروا
ويكذبون إذا عن شأننا قالوا؟

وكم رأيتك في الجوزاء قدوتنا
إن قلت حقاً سعتْ بالحق أشبال

وإن تحذرْ مِن الأخطاء نفعلها
فكنت تعذرنا ، فنحن أطفال

علمتنا الجدّ في الأمور نركبها
وأنت للخير مِقوالٌ ومِفعال

أعنتنا يوم أحنى الضعف هامتنا
ويوم آلمنا في الخلق إذلال

وجُدت إذ بخلتْ دهراً أقاربنا
والجودُ يسلكه في الناس أبطال

وكنتَ شجعت مَن خارت مطامحُه
فنعمَ مَنقبة ونعمَ أقوال

وكنتَ أعطيتَ مَن يرجو مساعدة
وأنت يا خال - بين الأهل - مِفضال

وكم أعرتَ رداءً كنت تلبسُه
والجودُ بالثوب إيثارٌ وإفضال

وكم أبنت علوماً شدّما عَجُمتْ
وحملك الغيْرَ توفيقٌ وإجلال

وكم سَهرتَ تقوي أزر هِمّتنا
فلم تعُقنا عن الأمجاد أهوال

وكم أعرتَ كتاباً مَن يتوق له
وليس يحيا رفيع الشأن مِجهال

وكم تصدقتَ بالأموال تملكها
وحينها لم يكن - في قلبك - المال

وكم تفضلتَ بالنصائح اشتملتْ
على الخيور لها في الفكر إعمال

وكم تجشّمت أعباءً مُتلتلة
وكل شهم له جودٌ وإفضال

وكم تحمّلت في صبر وفي جَلد
وكم تنوءُ بأسْد الغاب أحمال

وقلّ مِثلك في الأهلين أجمعهم
كما تقلّ - لأهل العزم - أمثال

واليومَ حالك لا يُرضي وشيجتنا
والهمّة انتكستْ ، واحلولكَ الحال

حتى رأيتك لا تغشى مَحلتنا
فكيف يلويك عنا القيلُ والقال؟

ماذا تغير كي تبيع صُحبتنا
وأنت بالأهل موفورٌ ومِكمال؟

أتستبيح بلا عُذر قطيعتنا
من بعد أن قطعَتْ للوصل أحبال؟

أتوغل - الدهر - في آفاق فرقتنا؟
بئس الفراق طغى وبئس إيغال

أترحل العمر في درب الخصام بلا
حق؟ فبئس خطىً وبئس تِرحال

تشن حرباً لها في التيه موعدة
تُردي ، وملحمة تُفني ، و(زلزال)

وتدَّعي أننا بعْنا علائقنا
وإن هذا - على التحقيق - إضلال

قد يَصدُق القولُ في أهل بُليت بهم
لكنّ غيث ودادي اليومَ هطال

ألومُ إن كان لومي مُثمِراً عَبقاً
وإن صَمَتُّ فشعري الغضُ مِقوال

وأزرعُ الشعر في أصقاع تجربتي
فرُبما فطنتْ للشعر أجيال

فطالعتْ صرختي مما جنتْ رحمي
فصرختي اليومَ ألوانٌ وأشكال

طوراً أخبئ في قلبي جَوى ألمي
وتارة يحتوي عينيّ شلال

وتارة أشتكي مِن هول مُعضلتي
حتى يُقال بأني جدّ هَوال

ويعلم الله أني في الأسى قمِنٌ
أنْ لا أشمّت مَن عن نجدتي مالوا

لكنه الجُرحُ مِن قرابةٍ خذلتْ
والخذلُ موتٌ ، وبعضُ الخذل أغلال

مصيبة أن ترى الأعمام قد خذلوا
وخلفهم قد سعى بالخذل أخوال

وخيبة أن ترى الأرحام مُوقدة
نار الصراع ، وفيها الجورُ يختال

يا خالُ راجع ضميراً غاب وازعُه
فطالما حطم الضميرَ إغفال

إني أتيتُك أبغي الوصلَ مُحتسباً
وكلُ خير له قصدٌ وإعمال

حتى وجدتك عن لقيايَ مُعتذراً
والأمرُ مُتضحٌ ، ما فيه إشكال

حقي لديك أسيرٌ لا يُحررُهُ
إلا اعترافك بالتقصير (يا خال)

© 2024 - موقع الشعر