بشفاعة أم البنين - أحمد علي سليمان

إيهِ أمّ البنين يا ذي الأصيلة
كم طرقتِ - للخير - درباً وحِيلة

كم بذلتِ المعروفَ في كل وادٍ
وإلى الرحمن ابتغيتِ الوسيلة

كم شفعتِ - للمذنبين - احتساباً
دون مَنّ ، فالمنّ بئس الرذيلة

كم تفضلتِ ، والأنام شهودٌ
والعطاءُ والجودُ نعم الفضيلة

وابنُ قيس أتاكِ يُغضي حياءً
يتقي أن يُغتال غدراً وغيلة

نفسه جزعى ، والفؤادُ أسيفٌ
والرهينُ تبكي عليه القبيلة

قصد ابن (الطيّار) يرجو نجاة
مِن حِمام يدنو ، وبلوى ثقيلة

قال: عُذراً ، فالأمرُ أكبرُ مني
إن عُقبى الدفاع عنك وبيلة

لكنِ اسأل (أم البنين) ، وأبشرْ
مثلُ هذي - في المعضلات - أصيلة

لم تعُقها - عن السجايا - حُدودٌ
وأراها - عند الملوك - بجيلة

صاح فاكتب ما تشتهيه إليها
إنها - بالمطلوب منها - كفيلة

لا تسوّفْ ، فالموتُ خلفك يعدو
والمنايا تسعى - إليك - عجولة

يا ابن قيس أنقذ من الموت نفساً
دون شكٍ نجاتها مستحيلة

فاستجاب (العُبيدُ) ، واختط نصاً
فيه فحوى تسبي العقول جميلة

في ثنايا السطور خوفٌ تبدّى
والتباريحُ - بالدموع - بليلة

فاستشاطتْ (أم البنين) اغتياظاً
عندما ساق (الحضرميّ) دليله

فاستعدّت للصدع دون اكتراثٍ
مثلُ هذي تحيا بنفس بسيلة

لا تخافُ قهر الرجال بتاتاً
ولها - إن ساد الجدال - بطولة

وتلاحي عن كل مظلوم قوم
نفسُه - مما يعتريها - ذليلة

جاءتِ القصرَ لابن مروانَ عجلى
تبتغى تهييج السجايا النبيلة

قال: إلا في (ابن الرقيّات) طبعاً
قاطعت: الاستثناءات أشقى حسيلة

فإذا باللطم الذي طال خداً
وإذا بالأحزان تدْمي الأثيلة

ألجمتها هذي الطريقة حتى
سربلتها إطراقة مستطيلة

ثم دفّ قلبُ الخليفة رفقاً
واعتذاراً لذي الحَصان الجليلة

قائلاً: قد قبلتُ سؤلك طوعاً
في (ابن قيس) مادمتِ أنتِ الوكيلة

آمنٌ من سيفي ، ومِن كل جندِي
فليكذبْ بالشائعات الدخيلة

بشّريهِ أني عفوتُ احتراماً
للتي باحت بالخِصال الجميلة

© 2024 - موقع الشعر