أين الثرى مِن الثريا؟ - أحمد علي سليمان

ما تساوى الفساقُ بالأتقياءِ
ما سرابٌ بقيعةٍ كالماءِ

ما الحياة بدون نور وتقوى؟
هل تُضاء الحياة بالظلماء؟

والثرى أين في سماتٍ ووصفٍ
مِن ثريا تشع باللألاء؟

والحضيضُ في دَرْكِه والتدني
هل تساوى عند الورى بالعَلاء؟

والزيوفُ في خبثها والتجني
هل تُباري حقائقَ الأشياء؟

وانحطاط النفوس في كل شأن
هل يُضاهي نضارة الإرتقاء؟

هل تساوى النعيمُ عند أناس
يدمغون دين الهُدى بالشقاء؟

في دياري هذا التناقضُ أعمى
جَلّ قومي عن عيشهم والفناء

أسرتان: الأولى تبيتُ وتُضحي
في انسجام مع الخنا والغناء

أرشدتْ - للضلال - بنتاً تردتْ
ثم سارت في سِكة السُفهاء

برزتْ فيهم تنثني بقوامٍ
تعرضُ الحُسنَ بعد هدم الخِباء

تبذلُ العِرضَ في قطيع خليع
يشتهي عُرْيَ الغادة الشقراء

وهْي نشوى بالحفل يطفحُ لحناً
والجماهيرُ بالغتْ في الثناء

فالرداءُ يشفُ عن حسن أنثى
وي كأنْ لم تظهرْ بأي رداء

والأب الديوث احتفى بالتدسّي
قانعاً بالمُجون والإغواء

مستعداً بعِرضها أن يضحي
في سبيل الألقاب والأسماء

شهرة كم أصحابها عبَدوها
بطقوس ممجوجةٍ عمياء

ليت شعرى ، والأم تشدو وتطري
بخضوع في القول والإطراء

أي أم هذي؟ وأية بنتٍ؟
هل نعيشُ في عصر بيع الإماء؟

والنقيضُ في أسرةٍ ذات تقوى
والفلاحُ والسعدُ للأتقياء

بذلتْ للنشء السجايا ليرقى
فارتقى - بالقرآن - للعلياء

جمعَ القرآنَ الكريمَ ، فأوعى
كم تلا في الإصباح والإمساء

إن هذا القرآن - للخير - يهدي
وهْو نعم النذيرُ للأحياء

أسرة في حق ابنها لم تقصّرْ
بل إلى الخير أرشدت باحتفاء

وجّهته للمَكرُمات احتساباً
فتسامى عن عالم الغوغاء

وانبرى للأقران يتلو عليهم
ما وعاه بالحزب والأجزاء

إنه أهلٌ للجوائز حِيزتْ
بعد جهدٍ مُكثفٍ وعَناء

وله الفخرُ كلَ حين ووقتٍ
بجليل الرموز والإيماء

وله مِن كل التقاة احترامٌ
مُفعمٌ بالتقدير بعد الدعاء

أين منه مَن جاهرتْ بالمعاصي
واستكانت للظهور والخيَلاء؟

غرّها حِلمُ الله ربي عليها
فاعتلت متن التيه والأضواء

بعض أهل الغناء تابوا ، وهذي
لا تبالي بتوبة العقلاء

كيف تسعى في درب أهل المخازي
سعيَ عجلى مبهورةٍ بلهاء؟

أوَليست هذي ترى مَن تردَوْا
إنها ليست قط بالعمياء

© 2024 - موقع الشعر