أنين النخيل - أحمد علي سليمان

عجبتُ للنخلة العصماء ترمقني
كأنني في دجى الدنيا بلا محنِ

أو أنني سببٌ في حزنها أبداً
والحق أنيَ لم أذنبْ لتحرقني

إنْ قصّر الغيرُ إني بازلٌ رمقي
يا نخلة أفزعتْ قلبي لتذبحني

إني لك الماءُ أجري دائماً أبداً
والنارُ غيري ، وأوزاري تلاحقني

طوّقتُ يا فتنتي ، والوهم حاصرني
أصبحت غوراً ، وربي سوف ينزلني

خلقاً جديداً ، يُروِّي كل ضاحيةٍ
يا نخلتي صدّقي قولاً ، بلا دخن

ها ، فارحمي مُقلة في جوفها رمدٌ
والناس تنظرها من غير ما حَزن

أكمامُكِ انقبضتْ ، والنوحُ خانقها
والأصلُ منتبه - يشكو - يُعاتبني

في الرمل دمعته ، والقوم في عمهٍ
والصخر تقذفه الأغيارُ في الإحن

المستبدُ يلوكُ التمر في يده
ومَن له التمرُ يحيا في دجى الدمن

لو أنه ناصحٌ - للنفس - أدَّبها
حتى تعيش على إشراقة السنن

وعندها تفتح الأبوابُ مُغدقة
خير الإله الذي يُعطي لذي فِطن

لكنه مُعْرضٌ عن وحي خالقِه
واللهُ صارفه حتماً عن السنن

فيم الأنينُ إذن يا نخلة جُرحتْ
في قومها ، فهم في الناس كالوُثن؟

قد حار فيها الجوى وانفل خاطرها
تبكى الوفا في الدنا بالدمع والشجن

يا ذي النخيل كفى ، دمعي برى أملي
يا ذي العيون كفى حُزني يساورني

أبكي على غدنا ، بالأمس ودّعنا
ومحجرُ العين قد أمسى يعذبني

© 2024 - موقع الشعر