أنتهادى لنتعادى - الهدية ليست فريضة - أحمد علي سليمان

مللتُ من المطاعن والشكايا
وأعيتني التجاربُ والحَكايا

وزادتني المظالمُ حزن قلب
وأشقتني القوادحُ والروايا

فكل الناس يشكو بؤسَ قلب
تُسببه الهباتُ مع الهدايا

رأى القومُ الهدية فرضَ عين
له نصٌ تُعضده وصايا

ولم يعد التواصلُ سَمت أهل
وعند الله ما تُخفي الطوايا

تقطعتِ الوشائجُ دون عَودً
فعانى الناسُ ألوانَ البلايا

رجعتُ إلى الديار أزورُ قومي
أرجّعُ ذكرياتيَ والتحايا

فألفيتُ الجميع على معادٍ
يلوكون الفواجعَ والشكايا

فعزيتُ الجميعَ ، وقلتُ: صبراً
على مرّ الدغاول والرزايا

وأهديتُ الجميعَ بما استطاعت
يدٌ تهوى التفضل والعطايا

وكنتُ أظن أن يرضوا بقسْمي
ولكن خاب ظني في النوايا

فقد عابوا عليّ ، وأحرجوني
كأني قد ركبتُ ذرى الخطايا

فقولٌ: أنني لم أهدِ شيئاً
كما يُهدي الكِرامُ من البرايا

وقولٌ: أنني عبدٌ لمالي
وكم للمال يا كم من ضحايا

وقولٌ: ليته لم يعطِ شيئاً
وقولٌ: أمسِكوا عنه الخفايا

وقولٌ: سوف نُرْجعُ ما حُبينا
فلا تبقى لدينا من بقايا

وقول: لو علمنا ما ذهبنا
للقياهُ ، فما فيها مزايا

فقلتُ: أنا المعيبُ ، وليس أنتم
وعني حِكتمُ أشقى الحَكايا

وَجُودي كان حسب الوُسع قطعاً
وإن الجود من خير السجايا

ولستُ بمُلزم شرعاً وعُرفاً
ومنعُ الجود ليس من الدنايا

وإعطاءُ الهدية محضُ فضل
ولو قِسناه من كل الزوايا

يمينَ الله بعد اليوم أعطي
لأهل الفقر ، هم أصفى الرعايا

وهل نهدي الأنامَ لكي نعادَى
وينشط في القلوب لظى الخبايا؟

© 2024 - موقع الشعر