أمومة لها رصيد - أحمد علي سليمان

حنانيكِ يا زوجتي القاسية
وعودي إلى الخيمة الحانية

ورقي ، وصوني الذي بيننا
مِن الود والصحبة الغالية

ولا تنكئي الجرحَ مهما جرى
لكيلا تُحَطمنا الداهية

ولا تشعلي النارَ في دارنا
فما أنتِ بالزوجة الغافية

ولا تستغلي خلافاتنا
فتشمَت جيرتنا الهاذية

ورفقاً بأحوال أولادنا
ولا تنبشي المِحنة الجاسية

رأوْكِ فطابت أساريرُهم
ورقوا لعِشرتكِ السامية

وضمّوكِ في لهفة المُشتهي
حنيناً إلى العيشة الهانية

وكلٌّ تشبثَ مستعذباً
بنفس على ما مضى باكية

وكنتُ أحاول تعويضهم
عن الأمّ في الفترة الماضية

ووفرتُ كل الذي أمّلوا
بنفسيةٍ برّةٍ راضية

وعاطفةٍ تستجيبُ لهم
وهمّةِ مُستعطفٍ عالية

وأحسبُ أني بلغتُ الذرى
وأنقذتُ طفلي مِن الهاوية

وناولتُهم - عن رضا - طعمتي
لكي أشبع الأبطنَ الخاوية

وقلدتهم خاطراً صافياً
يُغرّد في البيئة الصافية

وخابت ظنوني التي حِكتها
ثياباً لأحلاميَ الساجية

لأن الصغار قلوْا صحبتي
كأني بها صحبة داجية

وعافوا الرتابة تُزري بهم
وعابوا قطيعتنا الضارية

ولاموا بلفظٍ كمثل اللظى
يُحَرّق كالجَمرة الحامية

فأصغي لهم واستجيبي لهم
إذا كنتِ صالحة واعية

لأن الأمومة لا تُشترى
وذي سُنة - في الورى - جارية

ومنها لديكِ الرصيدُ الذي
يُجَنبنا الضربة القاضية

ولا تغبنينا ببُعد اللقا
هداديكِ ، أيتها النائية

أما اشتقتِ - بعد التنائي - لنا؟
أدنياكِ تغني عن الباقية؟

ألم تذكري حلو أطيافنا
نباهي بها القرية الثاوية؟

يردّدُها الغيث أنشودة
تناغم في الليلة الشاتية

ونحن نسامر - بين الحقو
لِ - مياهاً تجود بها الساقية

وللطير منظومة تزدهي
كدوح فواكهها دانية

وتُدلي الخمائلُ أفنانها
وتشدو بألحانها الماشية

ويبتسم الحقلُ مستروحاً
أريجَ لقاءاتنا الزاكية

ألم تذكري التوت يا غادتي
يُدِل بنكهته الغاوية؟

وأغنامُنا عندما جاهرتْ:
نخافُ مِن الضبُع العاوية

بربك عودي ، وكوني لنا
مَعيناً يقلدنا العافية

على حالها الدارُ ما بُدلتْ
وغرفة نومِكِ والزاوية

عسى الله أن ترجعي ، إننا
نتوقُ لرجعتكِ الآنية

© 2024 - موقع الشعر