اليراع والدموع - أحمد علي سليمان

تُؤرقُنِي دموعَكِ يا حَزينَةْ
فأنتِ الخِلُّ في لَيْلِ الضَغِينَة

وأَنْتِ النُّورُ إنْ أَمْرٌ تَداعى
وأنتِ الفَرْحُ للنَفْسِ الطَعِينَة

وأَنْتِ الكَهْفُ في ليل المَنايا
وبعدَ اللهِ ، إنَّكِ لَلْمُعِينَة

وإنَّك فِي جَبِينِ المَرْءِ شمسٌ
فَدتْكِ الرُّوح ، يا هَذي المَصونَة

وحَرْفِي قد تَلَجْلَجَ في ضميري
يُسائلني أَغُيَّبَتِ الحَنونَة؟

فأَمْسَكْتُ اليَراعَ ، ورحت أبكي
وذابَ الحِبْرُ في الآهِ الثَّمِينَة

فكفكفتُ الدُّموعَ ، وقلْتُ صبرًا
وتقوى اللهِ للإنسانِ زِينَة

وكَم مِنْ مُبْتلَىً ، ونَرَاهُ يلهو
وما رَدَّتْهُ بُلواهُ المَتِينَةْ

وغَائِبَتِي – هنالكَ - عند ربِّي
وإنِّي مبتغٍ مِنْه المَعونَة

مُصَابُكِ أَوْرثَ النَّفْسَ اكتئابًا
وضَمَّخَ بالأذى نَفْسًا شَجِينَة

وأَودَى بِالأمَانِي والحَنَايَا
وغيَّب فرحَةً كانَتْ مُبِينَة

وعَرْقَلَ خطْوتي نحو المعالي
وسَربَلَ بسمتي هذي الحَسِينَة

إلى أنْ صِرتُ جِسْمًا ليس فيهِ
حياةٌ تطرحُ الآهِ الكَنِينَة

بكَتْ عينايَ مِنْ فَرْطِ البَلايا
وآلمَنِي مُصابكِ ، يا حزِينَة

وقد باتَ التصبُّر في المنايا
عسيرًا ، ثمَّ في ذاتِي رُعُونَة

أسِير الدمعِ والشكوى فؤادي
على عين تعانِي مُسْتَكِينَة

وما بالصبرِ مِن عيْبٍ ، ولكنْ
قروحُ العيبِ في نفسي القَرِينَةْ

تَناولَها المُصابُ بمعْوليْهِ
وأعتى المعولين رَمَى المَصُونَةْ

بِسَهْمِ المَوتِ مَزَّقَهَا ، فباتتْ
تعذِّبني بهاتيكَ الدُّجُونَةْ

وأَظْلَمَ كلُّ شيءٍ في حيَاتي
وغطَّتْني الدَّياجِيرُ الخَنِينَةْ

ومِعْوله الصَغِير يشجُّ قلبي
وغصَّتْ بالأذى العيْنُ الرَزِينَة

ألا يا نفس صَبْرًا في الرزايا
وعُقبى الصَّبْرِ خيرٌ تَعْرفِينَه

وبَحرُ الصبرِ عَذْبٌ صدِّقيني
وإنْ غطَّى العُبَابُ ذُرَى السَفِينَةْ

فإنَّكِ في دروبِ الصبر نَشْوَى
أتتْ بالصبرِ آياتٌ مُبِينَة

وكَمْ طَفَّ المَصَابُ ، ولا اصطبارٌ
ألا يا نفس رِفقًا يا أمِيْنَة

فمَن رَضِيَ الرضا ، فله الترضِّي
وفي بعض الرِّضا سلوى دَفِينَة

ومن يَسْخَطْ فعُقباه التردي
وعُقْبَى السُخْطِ قَاسَيةٌ غَبِيْنَةْ

© 2024 - موقع الشعر