جَلَتِ الظَلماءُ بِللَهَبِ - صفي الدين الحلي

جَلَتِ الظَلماءُ بِللَهَبِ
إِذ بَدَت في اللَيلِ كَالشُهُبِ

فَاِنجَلَت في تاجِها فَجَلَت
ظُلَمَ الأَحزانِ وَالكُرَبِ

خُرَّدٌ شابَت ذَوائِبُها
وَفُروعُ اللَيلِ لَم تَشِبِ

سَفَرَت كَالشَمسِ ضاحِكَةً
مِن تَواري الشَمسِ في الحُجُبِ

ما رَأَينا قَبلَ مَنظَرِها
ضاحِكاً في زيِّ مُنتَحِبِ

كَيفَ لا تَحلو ضَرائِبُها
وَبِها ضَربٌ مِنَ الضَرَبِ

خِلتُها وَاللَيلِ مُعتَكِرٌ
وَنُجومُ الأَفقِ لَم تَغِبِ

قُضُباً مِن فِضَّةٍ غُرِسَت
فَوقَ كُثبانٍ مِنَ الذَهَبِ

أَو يَواقيتاً مُنَضَّدَةً
بَينَ أَيدينا عَلى قُضُبِ

أَو أَساريعاً عَلى عَمَدٍ
أَشرَقَت في زِيِّ مُرتَقِبِ

أَو رِماحاً في العِدى طُعِنَت
فَغَدَت مُحمَرَّةَ العَذَبِ

أَو سِهاماً نَصلُها ذَهَبٌ
لِسِوى الظَلماءِ لَم تُصِبِ

أَو أَعالي حُمرِ أَلوِيَةٍ
نُشِرَت في جَحفَلٍ لَجِبِ

أَو شَعافَ الرومِ قَد رُفِعَت
فَوقَ أَطرافِ القَنا الأَشِبِ

أَو قِياناً مِن ذَوائِبِها
شَفَقٌ لِلشَمسِ لَم يَغِبِ

أَو شَواظاً لِلقِرى رُفِعَت
تَتَراءى في ذُرى كُثُبِ

أَو لَظى نارِ الحُباحِبِ قَد
لَمَعَت لِلعَينِ عَن لَبَبِ

أَو عُيونَ الأُسدِ موصَدَةً
في ذُرى غابٍ مِنَ القَصَبِ

أَو خُدودَ الغيدِ ساطِعَةً
أَشرَقَت في فاقِعِ النُقُبِ

أَو شَقيقَ الرَوضِ مُنتَظِماً
فَوقَ مَجدولٍ مِنَ القَصَبِ

أَو ذُرى نَيلوفَرٍ رُفِعَت
فَوقَ قُضبانٍ مِنَ الغَرَبِ

© 2024 - موقع الشعر