العاشقة - أحمد علي سليمان

ليس مما قارفتِ أي فرارِ
والليالي تبكي مَجيئ النهار

لا تظني أن الحقائق تخفى
لكِ كلُ الأنام بالمنظار

إن رزقتِ عينان للغير ألفٌ
والعيونُ تشتاقُ للأنظار

إن فجرتِ ، فالفُجرُ ليس جديداً
والهوانُ والضنكُ للفجار

إن عشقتِ ، فالعشق يُزري بفُضلي
تحت زوج تحنّ للأزيار

إن سَفلتِ ، فالذلُ والعارُ حتمٌ
والعلوُ حِكراً على الأطهار

إن هبطتِ للقاع بات التردي
طبعَ نفس ترتاحُ في الأقذار

تستسيغ الحرامَ دون امتعاض
وتباهي بالذنب والأوزار

وتوافي بالإثم يتلوه إثمٌ
إن هذي طبيعة الأشرار

مَن تحنّ للموبقات تدنتْ
وحرامٌ هذا على الأخيار

والمنايا تجتاح أهل المَخازي
ما لهم - عند الصِيد - من إكبار

مَن تعش - بالنيران - تكِو سواها
فلتجهز نفساً عصتْ للنار

لوعة العشق - في القلوب - جحيمٌ
والدليل ما كان مِن أخبار

وعذابُ العُشاق في الشعر جاثٍ
ومَرارُ العُشاق - في النثر - ضار

جُلهم قد يحتاط ألف احتياطٍ
ثم يطوي ما صاغ من مِعيار

لم يزالوا - في الدار - مثل المطايا
هَمّهُم نيلُ الإرب والأوطار

دون سُؤل أذاك فعلٌ حلال؟
أم حرامٌ يُودي بأهل الديار؟

فاستحَلّوا بذاك فعلَ الدنايا
ثم باتوا في لعنة الجبار

ليس هذا قط كثيراً عليهم
كم أضلّوا ، وعربدوا في الدار

زوجة ، والأولاد والزوجُ أهلٌ
ثم تهوى العشيقَ؟ يا للعار

تخذته في غيبة الزوج حِباً
وعليهِ تمتنّ بالدولار

دون علم الأولاد كمّاً وكيفاً
والحليلُ في رحلة الأسفار

يكسب القوت ، يبتغي رفع شأن
والعذابُ في ذلك المشوار

رحلة فيها من صنوف الرزايا
وجميعُ الأوجاع والأوضار

رحلة فيها كُربة واغتراب
عَز فيها تكسُّبُ الدينار

يشتهي وضعاً لا يؤاخذ فيه
والفؤاد كم فيه مِن أسرار

فارس الهيجاء ينشد نصراً
لا يلوذ - من نارها - بالفرار

لم يَخِرْ قط عزمُه في الرزايا
ليس مجدٌ يُتاحُ للخوار

أحسن القصد والنوايا طويلاً
شأن كل مستيقن مغوار

لم يشُكّ في زوجةٍ أي شكٍ
قد تقود الشكوكُ للأضرار

لم ينل منها دون فُحشٍ صريح
مثل هذا يجرّ للأخطار

ثم خانت دون احترام لزوج
واستكانتْ للعاشق الغدار

لم يُحِب البلهاء إلا لمال
ويح صب مستقبح سمسار

يكسبُ الزوجُ ماله باجتهادٍ
ثم يُرمى في حانة التجار

لعبة كم شردتْ من ضحايا
كابتزاز ، أو ميسر ، أو قمار

كيف ترضى شريفة مثلَ هذا؟
عند هذي الأزواجُ كالأثوار

عشقتْ غير الزوج تيساً رذيلاً
صادها بالأوهام والأفكار

لم تحافظ على غياب حليل
ثم باتت تَحِيك في الأعذار

فرماها الزوجُ الكريمُ لتحيا
دون لوم أو سيء استنكار

فارتمت في أحضان صبّ الغواني
فانبرى يهذي جِدُّ كالإعصار

قال: كلا ، من خانت الزوج ليستْ
تستحق إلا صدى البتار

لستُ أرضى بمثل هذي بتاتاً
تلك تسعى على هوى التيار

ما لها إلا رمية في البراري
كي تكون زاداً لأعتى الضواري

ما تساوت عفيفة ببغيّ
شرفٌ هذي ، ثم ذي قيحٌ عار

بين كلٍّ فرقٌ عظيمُ التنائي
كالعبيد في الوزن والأحرار

تلك نورٌ يسري ، وتلك ظلامٌ
هل تساوى الظلامُ بالأنوار؟

© 2024 - موقع الشعر